منتديات انا مسلم السلفيه
عزيزى العضو انت غير مسجل لدينا اذا فبرجاء الدخول
إن لم يكن لديك حساب بعد فيمكنك انشاء حساب جديد
منتديات انا مسلم السلفيه
عزيزى العضو انت غير مسجل لدينا اذا فبرجاء الدخول
إن لم يكن لديك حساب بعد فيمكنك انشاء حساب جديد
منتديات انا مسلم السلفيه
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

منتديات انا مسلم السلفيه

islamic
 
الرئيسيةالرئيسيهأحدث الصورالتسجيلدخول
دخول
اسم العضو:
كلمة السر:
ادخلني بشكل آلي عند زيارتي مرة اخرى: 
:: لقد نسيت كلمة السر
بحـث
 
 

نتائج البحث
 
Rechercher بحث متقدم
المواضيع الأخيرة
»  العقد الفريد في التوحيد
 العقد الفريد في التوحيد Emptyالسبت سبتمبر 17, 2011 8:42 am من طرف ابوحفص

» اغيثوا الشعب السوري
 العقد الفريد في التوحيد Emptyالسبت سبتمبر 03, 2011 12:40 pm من طرف ابو عبد الرحمن84

» شاب مسلم عاطف يحيى ابراهيم تقوم الشرطه المصريه بضربه برصاصه فى راسه لدفاعه عن سيده امام سفارة اسرئيل ؟
 العقد الفريد في التوحيد Emptyالجمعة يونيو 17, 2011 4:40 pm من طرف البنا1

» الأخوة هل تكرمكتم لوجه الله تعالى
 العقد الفريد في التوحيد Emptyالأحد يونيو 12, 2011 10:40 am من طرف bolbol

» اجعل نسخة xp اصلية 100%
 العقد الفريد في التوحيد Emptyالسبت يونيو 04, 2011 2:10 pm من طرف محمود العمده

» كتاب الحكمة البادية في الاحداث الجارية بمحاورة هادية
 العقد الفريد في التوحيد Emptyالثلاثاء مايو 31, 2011 9:04 pm من طرف حسام احمد

» كرتون جزيرة النور
 العقد الفريد في التوحيد Emptyالسبت يناير 15, 2011 9:52 pm من طرف nermeen

» كرتون مغامرات حصحص
 العقد الفريد في التوحيد Emptyالجمعة ديسمبر 31, 2010 8:42 pm من طرف غربهـ

» اقوى مركز لاجتياز دورات الملحقيين الدبلوماسيين + دورات فى جميع اللغات + وجميع برامج الكمبيوتر
 العقد الفريد في التوحيد Emptyالإثنين ديسمبر 13, 2010 12:50 am من طرف magdieidabdelsalammagdiei

سحابة الكلمات الدلالية
أفضل 10 أعضاء في هذا المنتدى
انا مسلم
 العقد الفريد في التوحيد Vote_lcap العقد الفريد في التوحيد Voting_bar العقد الفريد في التوحيد Vote_rcap 
islam oka
 العقد الفريد في التوحيد Vote_lcap العقد الفريد في التوحيد Voting_bar العقد الفريد في التوحيد Vote_rcap 
itmohamed
 العقد الفريد في التوحيد Vote_lcap العقد الفريد في التوحيد Voting_bar العقد الفريد في التوحيد Vote_rcap 
herooo
 العقد الفريد في التوحيد Vote_lcap العقد الفريد في التوحيد Voting_bar العقد الفريد في التوحيد Vote_rcap 
محب الهدي
 العقد الفريد في التوحيد Vote_lcap العقد الفريد في التوحيد Voting_bar العقد الفريد في التوحيد Vote_rcap 
محمد صلاح الدين عبد
 العقد الفريد في التوحيد Vote_lcap العقد الفريد في التوحيد Voting_bar العقد الفريد في التوحيد Vote_rcap 
ME
 العقد الفريد في التوحيد Vote_lcap العقد الفريد في التوحيد Voting_bar العقد الفريد في التوحيد Vote_rcap 
مروه عوض
 العقد الفريد في التوحيد Vote_lcap العقد الفريد في التوحيد Voting_bar العقد الفريد في التوحيد Vote_rcap 
ابوحفص
 العقد الفريد في التوحيد Vote_lcap العقد الفريد في التوحيد Voting_bar العقد الفريد في التوحيد Vote_rcap 
يوسف
 العقد الفريد في التوحيد Vote_lcap العقد الفريد في التوحيد Voting_bar العقد الفريد في التوحيد Vote_rcap 
مختارات
 
.

 
 
 
 
 

 

  العقد الفريد في التوحيد

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
ابوحفص
مسلم جديد
مسلم جديد



ذكر عدد الرسائل : 4
العمر : 57
علم بلدك :  العقد الفريد في التوحيد Flag_comoros
تاريخ التسجيل : 17/09/2011

 العقد الفريد في التوحيد Empty
مُساهمةموضوع: العقد الفريد في التوحيد    العقد الفريد في التوحيد Emptyالسبت سبتمبر 17, 2011 8:31 am

- إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فهو المهتد ومن يضلل فلن تجد له ولياً مرشداً ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له واشهد أن محمد عبده ورسوله ، ( ياأيها الذين آمنوا اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون ) ، ( ياأيها الناس اتقوا ربكم الذى خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبث منهما رجالاً كثيراً ونساءاً واتقوا الله الذى تساءلون به والأرحام إن الله كان عليكم رقيباً ) ( سورة النساء : 1 ) ، ( ياأيها الذين آمنوا اتقوا الله وقولوا قولاً سديداً يصلح لكم أعمالكم ويغفر لكم ذنوبكم ومن يطع الله ورسوله فقد فاز فوزاً عظيماً " ( الاحزاب : 70 : 71 ) ..

أما بعد ..
- فإن أصدق الحديث كتاب الله تعالى وخير الهدى هدى محمد  وشر الأمور محدثاتها وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة فى النار .

- إعلم أخى المسلم : أن البشرية اليوم تقف على حافة الهاوية والسبب الأساسى لذلك والذى تنبثق منه كل الأسباب هو افلاسها فى عالم القيم التى يمكن أن تنمو الحياة الأنسانية فى ظلالها نمواً سليماً وتترقى ترقياً صحيحاً .

- وهذا لا يمكن أن يتحقق إلا فى ظل مجتمعات تفهم الاسلام فهماً صحيحاً نابعاً من مصادره الصحيحة المتمثلة فى الكتاب والسنة الصحيحة وأى محاولة بعيدة عن توضيح المفهوم الصحيح للإسلام هى محاولة محكوم عليها بالفشل .. وقد جاءت الرسل والأنبياء ووجدوا أقوامهم منغمسين فى كثير من الإنحرافات ولم يكن نداءهم الأول وصرختهم الأولى بأن أقروهم على ما هم عليه ثم رفعوا لهم ثوب حياتهم مغفلين الأساس الذى أقاموا عليه تصوراتهم وكل شئون حياتهم وهذا الأمر قد حسمه القرآن حسماً لا مرية فيه .

- فقد جاء نوح إلى قومه وفيهم كثير من الإنحرافات ولكنه بدأهم أولاً كم حكى القرآن عنه " ولقد أرسلنا نوحاً إلى قومه فقال ياقوم أعبدوا الله ما لكم من إله غيره .. " ( سورة الاعراف الاية 59 ) ثم بدأ بعد ذلك فى إصلاح إنحرافاتهم وهو عليه السلام بدأهم بإصلاح الإنحراف الأساسى الذى بنوا عليه كل الإنحرافات ولا شك أن تعريف الناس بأن لهم إله حق وهو واحد لا شريك له
بسم الله الرحمن الرحيم
1 – ما هى المصادر التى يرجع إليها المسلم فى كل شئون حياته ويعرف منها أصول الدين وفروعه ؟ وما هى الأدلة عليها ؟
ج – المصادر التى يرجع إليها المسلم هى الكتاب والسنة : أى هى القرآن الكريم وسنة المصطفى صلى الله عليه وسلم والأدلة على ذلك قول الله تعالى ( وإن تنازعتم فى شىء فردوه إلى الله والرسول إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر ) ( سورة النساء 59 ) ومعنى الآية الكريمة كما قال المفسرون هى رد الأمر فى محل التنازع إلى الكتاب والسنة .

- يقول ابن القيم فى تفسير هذه الأية والرد إلى الله يعنى الرد إلى كتابه والرد إلى الرسول يعنى الرد إلى شخصه فى حياته وإلى سنته بعد وفاته .. وكذلك قوله تعالى ( وما أختلفتم فيه من شىء فحكمه إلى الله .. ) ( سورة الشورى 10) وقول رسول الله صلى الله عليه وسلم ( عليكم بسنتى وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدى .. )
----------------------------
2 – لماذا خلق الله الخلق ؟
ج – خلق الله الخلق ليعبدوه والدليل على ذلك قوله تعالى ( وما خلقت الجن والأنس إلا ليعبدون ) ( سورة الذاريات 56 ) قال بن عباس : يعبدون يعنى يوحدون " لا إله إلا الله "
----------------------------

3 – ما هو الدين الذى جاءت به الرسل جميعاً ؟
ج – الدين الذى جات به الرسل هو التوحيد والدليل قوله تعالى ( ولقد بعثنا فى كل أمة رسولاً أن أعبدوا الله واجتنبوا الطاغوت ) ( سورة النحل 36 ) وقوله تعالى ( وما أرسلنا من قبلك من رسولاً إلا نوحى إليه أنه لا إله إلا أنا فاعبدون ) ( سورة الأنبياء 25 ) ، وقوله تعالى ( قولوا آمنا بالله وما أنزل إلينا وما أنزل إلى إبراهيم وإسماعيل .. إلى قوله .. ونحن له مسلمون ) ( سورة البقرة 136 ) .. وهذه الآية تبين لنا أن التوحيد الذى جاءت به الرسل جميعاً والذى بينه الله فى آية النحل وآية الأنبياء هو الإسلام وتبين لنا الآيه أيضاً أن الإسلام هو التوحيد وهو الذى جاءت به الرسل ..
----------------------------
4 – ما هو حق العباد على الله وحق الله على العباد ؟
ج – حق الله على العباد أن يعبدوه ولا يشركوا به شيئاً ، وحق العباد على الله أن لا يعذب من لا يشرك به شيئاً . والدليل على ذلك قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "
يامعاذ أتدرى ما حق الله على العباد وحق العباد على الله قال الله ورسوله أعلم قال حق الله على العباد ألا يشركوا به شيئاً وحق العباد على الله ألا يعذب من لا يشرك به شيئاً " حديث صحيح ..
----------------------------
5 – إلى أى شىء دعا رسول الله أهل الكتاب , وإلى أى شىء أمر رسول الله أن يدعوا أهل الكتاب ؟
ج – أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يدعوا أهل الكتاب إلى التوحيد والدليل من القرآن الكريم ( قل ياأهل الكتاب تعالوا إلى كلمة بيننا ألا نعبد إلا الله ولا نشرك به شيئاً ولا يتخذ بعضنا بعضاً أرباباً من دون الله فإن تولوا فقولوا اشهدوا بأنا مسلمون ) ( سورة آل عمران 64 ) .

- قال الإمام الألوسى ( فإن تولوا فقولوا أشهدوا بأنا مسلمون دونكم يعنى وأنتم كافرون ) أو كم قال .. ودعوة النبى صلى الله عليه أهل الكتاب هى الدعوة التى جاء بها للخلق جميعاً وهى دعوة الرسل جميعاً كما أخبر الله عنه فى قوله تعالى " قل ما كنت بدعاً من الرسل ... " ( سورة الأحقاف 9 )

الخلاصـــة:- مما سبق نعلم الآتى
أ – خلق الله الخلق لعبادته وهى التوحيد المتمثل فى " لا إله إلا الله "
ب - الدين الذى جاء به الرسل جميعاً هو الإسلام وهو التوحيد " لا إله إلا الله "
ج - حق الله على العباد أن يعبدوه ولا يشركوا به شيئا وهو " لا إله إلا الله " ً
د - أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يدعوا أهل الكتاب إلى كلمة سواء وهى " لا إله إلا الله "
هـ - دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم الخلق جميعاً إلى عبادة الله وحده وهو " لا إله إلا الله "

** ومن هذا كله يتبين لنا أن دين الإسلام وحق الله على عباده ودعوة الرسل جميعاً وعلى رأسهم محمد صلى الله عليه وسلم كل ذلك يتمثل فى " لا إله إلا الله " وهى التى خلق الله الخلق من أجلها .

6 – هل كلمة التوحيد " لا إله إلا الله " مجرد كلمة تقال باللسان أم هى كلمة لها معنى ولا يكفى مجرد التلفظ بها ؟
ج - " لا إله إلا الله " ليست مجرد كلمة تقال باللسان ولكنها لها مدلول ومعنى أى لابد فيها من ثلاثة أمور وهى " القول – والعمل – والإعتقاد " والدليل على ذلك من وجوه متعددة وهى :-

1 – " قاعدة المفسر يحكم على المجمل " :-
وهذه القاعدة ترد على من فهم من بعض أحاديث النبى  أن " لا إله إلا الله " مجرد كلمة مثل قوله صلى الله عليه وسلم " من قال " لا إله إلا الله "دخل الجنة " وكذلك قوله " من مات وهو يعلم أنه " لا إله إلا الله " دخل الجنة " وما شابه ذلك من الأحاديث التى يوهم ظاهرها أن لا إله إلا الله مجرد كلمة وهذا ما ذهب إليه بعض الناس .

ومعنى القاعدة :- أن الأحاديث التى يوهم ظاهرها أن " لا إله إلا الله " مجرد كلمة جاءت مجملة فى روايات لها وجاءت فى روايات أخرى لنفس الأحاديث مفسرة فحكم المفسر منها على المجمل فزال بذلك الإشكال ( أى فهُم أن المراد منها كجرد التلفظ ) وإليك الروايات لبعض هذه الأحاديث :-

1 – حديث جبريل :- " ما الإسلام قال الإسلام أن تشهد أن " لا إله إلا الله " وأن محمد رسول الله " ، وجاء حديث جبريل أيضاً فى رواية أخرى " ما الإسلام . قال أن تعبد الله ولا تشرك به شيئاً " ، وفى رواية ثالثة لحديث جبريل " ما الإسلام . قال أن يعبد الله ويكفر بما دونه .. " ، وفى رواية رابعة لحديث جبريل " ما الإسلام . قال أن يوحد الله ويكفر بما دونه .. "

- ومن حديث جبريل وتعدد رواياته يعلم أن المراد بـ " لا إله إلا الله " هو عبادة الله وحده لا شريك له وهوكذلك عبادة الله والكفر بما هو دونه وهو كذلك توحيد الله ومن هذه الروايات نعلم أن الرواية الأولى جاءت بـ" لا إله إلا الله "وهى مجملة ثم جاءت بقية الروايات وفسرتها لتبين لنا أن المراد بذلك ليس مجرد التلفظ ب" لا إله إلا الله " ولكن المراد معناها كما بينت باقى الروايات .

2 – حديث وفد عبد القيس :- وقد روى بروايات أربعة وحدث فيه مثل ما حدث فى حديث جبريل بالنسبة ل" لا إله إلا الله " .. ونص حديث وفد عبد القيس هو أنهم جاءوا النبى صلى الله عليه وسلم وقالوا يارسول الله إن بيننا وبينك كفار مضر ولا نستطيع أن نأتيك إلا فى الشهرالحرام فمرنا بعمل نعمل به ونأمر من وراءنا و ندخل به الجنة .. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم آمركم بأربع وأنهاكم عن أربع . ( آمركم بالإيمان أتدرون ما الإيمان قالوا الله ورسوله أعلم قال الإيمان أن تشهدوا أن لا إله إلا الله وتقيموا الصلاة إلى قوله وأن تؤدوا خمس ما غنمتم ... ) .

* وقد وردت لفظ التوحيد " لا إله إلا الله " بألفاظ متعددة فى أربع روايات مثلما حدث فى حديث جبريل

3 – حديث بنى الإسلام على خمس :- وردت فيه لفظة التوحيد فى ثلاث روايات مثلما حدث فى حديث جبريل ووفد عبد القيس .

4 – حديث أمرت أن أقاتل الناس :- ورد أيضاً بروايات يفسر بعضها بعضاً لتؤكد كل الروايات أن المراد هو معنى " لا إله إلا الله " وليس المراد مجرد التلفظ بها ومن هنا نفهم القاعدة " المفسر يحكم على القاعدة " ..

===========
2 – قول الله عزوجل " ليس بأمانيكم ولا أمانىُ أهل الكتاب من يعمل سوءاً يجز به ولا
يجد له من دون الله ولياً ولا نصيراً "
- قال علماء الإسلام فى تفسير هذه الآية ما معناه هذه الآية نزلت لما أفتخر المسلمون وأهل الكتاب على بعضهم البعض وأدعى كل منهم أنه المفضل عند الله فأنزل الله هذه الآية ليبين ولتصير كذلك قاعدة عامة أن الأمر ليس بالأمانى ولكن من وحُد الله وأخلص له فى العمل هو المفضل عند الله مع مراعاة ما منُ الله به على هذه الأمة من التفضيل على بقية الأمم حيث رفع عنها الأغلال وفضلها فى كثير من الأمور وجعلها شاهدة على كل الأمم .

* وقد أورد ابن كثير فى تفسيره لهذه الآية ما يدل على أن الأمر ليس بالإدعاء والأمانى
ولكن بالعمل والإخلاص . وأورد بيت شعر يبين به ما أراد وهو قول القائل :-
والدعــــاوى ما لم يقم عليهـــا أصحابها بينات فأصحابها أدعياء
- ليبين رحمه الله من إدعى دعوى فلا تقبل منه دعواه إلا إذا أقام عليها بينات . فمن تلُفظ بـ" لا إله إلا الله " دون عمل ودون علم بها وإعتقاد فهى مجرد دعوى لا دليل عليها من الواقع .
3 – قول الله عزوجل " وعجبوا أن جاءهم منذر منهم وقال الكافرون هذا ساحر كذُاب أجعل الآلهة إله واحد إن هذا لشىء عجاب "

- وقد تعرض الشيخ محمد بن عبد الوهاب لتفسير هذه الآية فى معرض رده على المرجئة فقال رحمه الله " لا خير فى أناس جهال قريش أعلم منهم بـ" لا إله إلا الله " ويقصد بذلك رحمه الله أن جهال قريش لما دعاهم رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى " لا إله إلا الله " علموا ان المراد ليس مجرد التلفظ بالشهادة ولكن المراد وهو الكفر بكل الآلهة الباطلة وعبادة الله وحده بلا شريك له حيث قال الله تعالى حاكياً على لسانهم ( أجعل الآلهة إله واحداً إن هذا لشىء عجاب ) ( سورة ص 4 - 5 )

4 – قول الله عزوجل " فاعلم أنه لا إله إلا الله وأستغفر لذنبك وللمؤمنين والمؤمنات "
- فقد أمر الله سبحانه وتعالى نبيه بالعلم بـ" لا إله إلا الله " والخطاب لأمته .. وقال الإمام البخارى مبوباً باباً فى صحيحه " باب العلم قبل القول والعمل " ، وقال الإمام الطبرى " لابد من العلم قبل القول والعمل "

5 – قول الله عزوجل " إلا من شهد بالحق وهم يعلمون "
- قال الإمام محمد بن عبد الوهاب :- علموا بقلوبهم ما نطقت به ألسنتهم .
- وقال الشيخ سيد قطب :- الإعتقاد فرع المعرفة . وهذا يعنى أنه لا معرفة ما لم يكن هناك إعتقاد لأن الإعتقاد يبنى على المعرفة .

6 – قول النبى صلى الله عليه وسلم " من قال " لا إله إلا الله " وكفر بما يعبد من دون
الله حرم ماله ودمه وحسابه على الله "

- قال الشيخ محمد بن عبد الوهاب فى تفسير هذا الحديث وهذا من أعظم ما يبين حقيقة " لا إله إلا الله " فإنه لم يجعل مجرد التلفظ بها عاصماً للدم والمال بل ولا معرفة معناها بل ولا الإقرار بها بل لا يصير المرء معصوم الدم والمال حتى يضيف إلى ذلك كله الكفر بما يعبد من دون الله فإن شك أو توقف عن ذلك لا يعصم ماله ودمه ..

7 – موقف النبى صلى الله عليه وسلم مع الصحابى حارثة رضى الله عنه
- لما قال له كيف أصبحت ياحارثة قال : أصبحت مؤمنا بالله . فقال له النبى صلى الله عليه وسلم " أنظر ياحارثة ما تقول فإن لكل قول حقيقة ، وقد أشار النبى صلى الله عليه وسلم بذلك وعلمنا أن القول لابد له من حقيقة وأعظم قول هو " لا إله إلا الله " فلابد أن تكن لها أعظم حقيقة ..

8 – قصة هرقل مع النبى صلى الله عليه وسلم
- لما أرسل إليه يدعوه إلى الإسلام فرد عليه بأن ما يقوله حق وأرسل إليه بالهدايا فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم " كذب عدو الله ما أسلم وهو على النصرانية ، فلم يجعل النبى صلى الله عليه وسلم موافقة هرقل له وقوله أن ما يقوله حق وإرساله الهدايا إليه كافياً دون الإقلاع عن النصرانية وتصديق ما قاله بالعمل ..

9 – قصة كرز ومكرز اليهوديين
- حيث أنهما ذهبا إلى النبى صلى الله عليه وسلم وصدقاه وقبٌلا يديه وشهدا أن ما يقوله حق فقال لهما النبى صلى الله عليه وسلم فما يمنعكما أن تتبعانى قالا نخاف أن تقتلنا اليهود .. فقد جعل النبى صلى الله عليه وسلم إتباعه والعمل بما جاء به هو المصدق للقول لأنه كما قيل فى القاعدة " لا عبرة بأقوال تكذبها الأعمال "

10 – تبويب علماء الإسلام أبواباً فى مؤلفاتهم بعناوين متعددة
مثل " إسلام وثنى - إسلام أهل الكتاب - إسلام المرتد - إسلام من جحد معلوماً من الدين بالضرورة " ومن خلال شرح العلماء لهذه العناوين نرى أنهم رحمهم الله يدورون حول معنى معين وليس حول لفظ ليؤكدوا رحمهم الله أن المراد هو المعنى وليس اللفظ ولو كان لفظاً مجرداً كما يزعم الزاعمون لما إختلف من شخص لآخر ..

11 – قبول الإسلام من الفارس الذى قال " ميتراس " وهى تعنى أسلمت لله .. وهذا يدل على أن المراد هو المعنى وليس اللفظ ..

12 – قبول الإسلام من العرب الذين قالوا " صبئنا " وهى تعنى أننا تركنا دين الآباء والأجداد وأتبعنا محمداً صلى الله عليه وسلم .. وهم بذلك قد أتوا بمعنى " لا إله إلا الله " ولو كانت مجرد كلمة لما كفى قولهم " صبئنا " ..

13 – أقوال علماء المسلمين التى تدل على أن " لا إله إلا الله " ليست مجرد كلمة عن المعنى والإعتقاد والعمل

1 – قول الإمام الطبرى " باب لا يكفى مجرد التلفظ بالشهادتين "
2 – قول محمد بن عبد الوهاب فى تفسيره لحديث من قال " لا إله إلا الله " وكفر بما يعبد من دون الله.. " كما سبق فى الحديث
3 – قول الشيخ سيد قطب " الإعتقاد فرع المعرفة "
4 – قول الشيخ محمد بن إبراهيم آل الشيخ فى تفسير قول الله تعالى " إلا من شهد
بالحق " حيث قال "يعلمون بقلوبهم حقيقة ما شهدت به ألسنتهم "
5 – قول الشيخ حافظ حكمى فى منظومته " معارج القبول " :-
وقد حوته لفظـــة الشهادة فهى سبيل الفوز والسعادة
من قالــها معتقد معنـــاهـا وكـان عامــــلا بمقتضــاها
فى القول والفعل ومات مؤمناً يبعث يوم الحشر ناج آمناً

- فانظر إلى قوله رحمه الله من قالها معتقداً معناها إلى آخر ما قال ليعبر أنها ليست قولاً مجرداً ...

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
ابوحفص
مسلم جديد
مسلم جديد



ذكر عدد الرسائل : 4
العمر : 57
علم بلدك :  العقد الفريد في التوحيد Flag_comoros
تاريخ التسجيل : 17/09/2011

 العقد الفريد في التوحيد Empty
مُساهمةموضوع: رد: العقد الفريد في التوحيد    العقد الفريد في التوحيد Emptyالسبت سبتمبر 17, 2011 8:34 am

تابع الموضوع

- لابد قبل بيان معنى " لا إله إلا الله " من معرفة أن الدين ينقسم إلى أصل وفروع .. يقول الله تعالى ( ولقد بعثنا فى كل أمة رسولاً أن أعبدوا الله واجتنبوا الطاغوت ) ( سورة النحل ) .. " ويقول تعالى ( لكل جعلنا منكم شرعة ومنهاجاً ) ( سورة المائدة 48 ) .

- وهاتين الآيتين يدلان على أن هناك أمر إتفق عليه جميع الأنبياء وأن هناك أمور أخرى إختلفوا فيها وقد بيٌن علماء الإسلام أن الأمر الذى اتفقوا فيه هو أصل الدين وهو التوحيد " لا إله إلا الله " وأن الأمور التى اختلفوا فيها هى الشرائع .

* فالأول ( وهو أصل الدين ) : يدل عليه قوله تعالى ( ولقد بعثنا فى كل أمة رسولاً أن اعبدوا الله ) ، والثانى ( وهى فروع الشريعة ) : يدل عليه قوله تعالى ( ولكل جعلنا منكم شرعة ومنهاجاً ) .

- وقد بيٌن النبى صلى الله عليه وسلم هذا المعنى فى قوله ( نحن معاشر الأنبياء أخوة لعلات ديننا واحد ) ، ومعنى ديننا واحد يعنى متفقين فى أصل الدين " لا إله إلا الله " ، "ومعنى أخوة لعلات " وهى التى تعنى إختلاف الأمهات يعنى إختلاف الشرائع ..

** وقد قال هذا المعنى الشيخ ابن كثير فى تفسير قول الله تعالى ( ألم تر كيف ضرب الله مثلاً كلمة طيبةً كشجرة طيبة أصلها ثابت وفرعها فى السماء ) ( سورة إبراهيم 24 ) وقد قال بأن الدين أصل وفروع كثير من أئمة المسلمين منهم الشيخ ابن تيمية وابن القيم والشيخ محمد بن عبد الوهاب .
===============

وبعد أن علمنا أن الدين ينقسم إلى أصل وفروع والأصل هو " لا إله إلا الله " والفروع هى الشرائع . لابد أن نعلم أن لأصل دين الإسلام خصائص تميزه عن الشرائع وتتمثل تلك الخصائص فى الآت

1 – آياته محكمة : ويعنى ذلك أن آياته لا تحتمل التأويل لأنها تدل على معنى واحد واضح بيٌن ..

2 – أحكامه واحدة فى كل الرسالات : ويعنى ذلك أن كل الأنبياء جاءت بأن الله واحد لا شريك له ..
3 – لا يدخل عليه نسخ : ويعنى ذلك أن أحكامه لا يدخل عليها النسخ أو التبديل أو التغيير ..
4 – لا يدخل عليه تخصيص : ويعنى ذلك أنه لا يختص به أحد دون الآخر . قال تعالى " شهد الله أنه لا إله إلا هو والملائكة ... "

5 – لا يدخل عليه إستثناء : ويعنى ذلك أنه لا يستثنى منه أحد قال تعالى " ولقد أوحى إليك وإلى الذين من قبلك لئن أشركت ليحبطن عملك ... "

6 – لا تفاوت بين أركانه : ويعنى ذلك أنه لا يتحقق إلا بإكتمال أركانه ولا يفضل ركن على الآخر أو يتفاوت ركن عن الآخر ..

7 – لا تبعيض بين أركانه : ويعنى ذلك أنه لا يقبل البعض دون البعض الآخر ..

8 – لا يقبل التأويل : ويعنى ذلك أنه طالما أن آياته محكمه فبالتالى لا تقبل التأويل ولم يقبل سبحانه وتعالى التأويل من إبليس كما قال العلماء – أول من تأول إبليس وذلك كما حكى عنه القرآن " أنا خير منه خلقتنى من نار وخلقته من طين .. " ولقد رد تأويل المشركين كما حكى عنهم القرآن الكريم " ما نعبدهم إلا ليقربونا إلى الله زلفى .. "

9 – قطعى الدلالة : ويعنى ذلك أنه قطعى فيما يدل عليه لأن آياته محكمة لا تحتمل إلا معنى واحد ..

10 – قطعى الثبوت : ويعنى ذلك أنه يثبت بالقرآن أو بالسنة المتواترة مما يدل على أنه مقطوع بثبوته ولا مجال للشك فيه ..

===============

قد يسمع البعض مصطلح أصل الدين ومصطلح الأصول الإعتقادية ويظن أنه لا فرق بينهما ولكنه فى الحقيقة أن هناك فرق كبير وشاسع بينهما وذلك من خلال تعريف كل منهما :-

1 – أولاً أصل الدين :-
أصل الدين كما سبق أن بينُا هو التوحيد الذى جاءت به الرسل وهو الأصل الذى جاءوا به جميعاً كما فى قول النبى صلى الله عليه وسلم " نحن معاشر الأنبياء ديننا واحد " وكما قال الله تعالى " وما أرسلنا من قبلك من رسول إلا نوحى إليه أنه لا إله إلا أنا فاعبدون " وهذا يبين أن أصل الدين هو المتمثل فى " لا إله إلا الله " ..

2 – ثانياُ الأصول الإعتقادية :
- والأصول الإعتقادية قد عرفٌها علماء الإسلام تحت مسميات متعددة لشىء واحد هو الأصول الإعتقادية ومن هذه المسميات " الأصول الإعتقادية – سنة الإعتقاد – سنن الإعتقاد – مذهب أهل السنة والجماعة – منهاج الفرقة الناجية – أصول الدين "

* وقد عرفها بعض العلماء تعريفاُ جامعاُ يدل على معناها وهو : -
" هى مجموعة الإعتقادات التى تمايزت بها طائفة الحق والإتباع وخالفتها فيها أهل الفرق والأهواء " ..
ومن هذا التعريف نعلم أن الأصول الإعتقادية هى مجموعة الإعتقادات التى تمايز بها أهل السنة عن سائر الفرق مثل الخوارج والجهمية والمرجئة والقدرية والمعتزلة وسائر الفرق ..
وهذا يبين لنا الفرق بين الأصول الإعتقادية وأصل الدين لأن الفرق الإسلامية لم تخالف أهل السنة والجماعة فى أصل الدين لأن جميع الفرق فى بداية إختلافها مع أهل السنة والجماعة لم تخالفهم فى أن الله واحد – وهذا فى أصل إختلافهم مع مراعاة أن بعض الفرق قد تؤدى بها أو أدت بها بدعتها إلى الإختلاف مع أهل السنة فى أصل الدين ..

* ونحن إذا تحدثنا عن الفرق نتحدث عن الأصل الذى إختلفت فيه مع أهل السنة فى أول أمرهم ولا ننظر لم آل إليه الأمر بعد ذلك حتى لا يؤدى ذلك إلى الخلط بين الفرق فى القديم والحديث .. فأختلاف الفرق مع أهل السنة والجماعة وتمايز أهل السنة والجماعة عن الفرق فى هذه الإختلافات وإعتقاداتهم فى هذه الإختلافات هى سنة الإعتقاد أو الأصول الإعتقادية أو مذهب أهل السنة والجماعة أو الفرقة الناجية – ومن أمثلة ذلك :-

- إختلاف أهل السنة والجماعة مع الخوارج :- حيث أنهم يكفٌرون أهل القبلة بالمعصية ، وأهل السنة والجماعة لا يكفرون أحداً من أهل القبلة بمعصية ما لم يستحلها وهذه سنة من سنن الإعتقاد عند أهل السنة والجماعة .

- إختلاف أهل السنة والجماعة مع المرجئة :- حيث أنهم يقولون لا يضر مع الإيمان ذنب وأن إيمان أبى بكر كإيمان أهل الفسق والفجور وأن الإيمان لا يزيد ولا ينقص ، وأما أهل السنة والجماعة فهم يقولون أن الإيمان يزيد وينقص يزيد بالطاعة وينقص بالمعصية وبالتالى هناك تفاضل فى الإيمان وليس إيمان أبى بكر كإيمان أهل الفسق والفجور وهذه أيضاً سنة من سنن الإعتقاد عند أهل السنة والجماعة .

- إختلاف أهل السنة والجماعة مع المعتزلة :- حيث أنهم يقولون بالمنزلة بين المنزلتين وهى أنهم يقولون على أهل المعاصى بأنهم مخلدون فى النار ولا يكفرونهم وسموهم بأصحاب المنزلة بين المنزلتين وأما أهل السنة والجماعة فلا يعتقدون خلودهم فى النارويقولون بأنهم مسلمون ناقصى الإيمان وهم تحت مشيئة الله إن شاء عذٌبهم وإن شاء غفر لهم وهذه سنة من سنن الإعتقاد عند أهل السنة والجماعة يتمايزون بها عن المعتزلة .. وهكذا مع باقى الفرق كل إعتقاد يتميز به أهل السنة والجماعة مع أى فرقة من هذه الفرق يسمى سنة من سنن الإعتقاد أو أصول الإعتقاد أو الأصول الإعتقادية أو مذهب أهل السنة والجماعة أو عقيدة الفرقة الناجية .

* ومما سبق نحدد أو نعرف أن هناك فرق بين أصل الدين المتمثل فى " لا إله إلا الله " وبين الأصول الإعتقادية التى تتمثل فى سنة الإعتقاد كما بينُا .

* وتأكيداً لما سبق فإن أصل الدين يتميز عن الأصول الإعتقادية بخصائصه التى سبق أن بينٌاها وأهم هذه الخصائص ثلاثة خصائص وهى :-

1 – فمن خصائص أصل الدين كما سبق أنه قطعى الثبوت أما الأصول الإعتقادية فهى ظنية الثبوت بثبوت البعض منها بغير السنة المتواترة على عكس أصل الدين الذى يثبت كما بينٌا بالقرآن أو السنة المتواترة .

2 – ومن خصائص أصل الدين أنه قطعى الدلالة بخصائصه أما الأصول الإعتقادية فهى ظنية الدلالة لإحتمال ألفاظ أدلتها للتأويل إلى عدة معانى بعكس أصل الدين الذى لا تتحمل ألفاظ التأويل لأنها محكمة .

3 – من خصائص أصل الدين أنه لا يقبل التأويل أما الأصول الإعتقادية فهى تحتمل التأويل لأن نصوصها قد تكون مشكلة وهى نوع من المتشابه الإضافى بعكس أصل الدين فهو مُحكم لا يقبل التأويل ولأنه ثبت بنصوص محكمة والتأويل نوع من الإجتهاد ولا إجتهاد مع نص ..
===============


- لما كان لكل علم مصطلحاته التى أصطلح عليها علماءه وكان لكل مهنة مصطلحاتها ولكل صنعة مصطلحاتها .. ولابد من معرفة مصطلحات كل علم لمن أراد أن ينال منه قسطاً وكذلك لابد من معرفة مصطلحات كل مهنة أو صنعة لمن أراد أن يتعلمها أو ينال منها حظاً . ولنضرب لذلك مثالاً لو أن شخصاً ما أراد أن يتعلم ويضرب بحظ وافر فى علم الطب مثلاً فلابد له أولاً أن يتعلم المصطلحات التى إصطلح عليها المتخصصون فى هذا العلم . يعنى ( ألف ، باء تعلم الطب ) معرفة مصطلحاته أولاً لكى يفهم أولاً ماذا يعنى من يتحدث إليه من المتخصصين ..

- ولله المثل الأعلى :- فعلم الدين له مصطلحاته التى بينٌها القران الكريم والسنة وأصطلح عليها علماءه المتخصصون إجتهاداً منهم لفهم مراد الله ورسوله .. وطالما الأمر كذلك فإن ألف ، باء تعلم الدين وفهمه وفهم القرآن والسنة هو تعلم المصطلحات التى بينها القران الكريم وبينتها السنة المطهرة واصطلح عليها الأئمة الأعلام المتخصصون إجتهاداًَ منهم لفهم مراد الله ورسوله .. وهذه المصطلحات على سبيل المثال منها الطاغوت وماذا تعنى هذه اللفظة وكذلك الدين والعبادة والإله والرب والأنداد والأرباب والأيمان والإسلام والكفر وما شابه ذلك من المصطلحات التى لابد من معرفتها لنفهم مراد الشرع فى أى أمر من الأمور ولنبدأ مستعينين بالله فى بيان معانى هذه المصطلحات ..
===============
ــــــــــ  الطاغـــــــوت  ــــــــــ
تحدث القران الكريم عن الطاغوت وذكره فى ثمانية مواضع
* موضعان فى سورة البقرة :-
1 – قال تعالى " فمن يكفر بالطاغوت ويؤمن بالله فقد إستمسك بالعروة الوثقى ... "
2 – قال تعالى " الله ولى الذين آمنوا يخرجهم من الظلمات إلى النور والذين كفروا أولياؤهم الطاغوت ... "

* ثلاث مواضع فى سورة النساء :-
1 – قال تعالى " ألم تر إلى الذين أوتوا نصيباً من الكتاب يؤمنون بالجبت والطاغوت .."
2 – قال تعالى " ألم تر إلى الذين يزعمون أنهم آمنوا بما أنزل إليك وما أنزل من قبلك يريدون أن يتحاكموا إلى الطاغوت … "
3 – قال تعالى " الذين آمنوا يقاتلون فى سبيل الله والذين كفروا يقاتلون فى سبيل الطاغوت … "

* موضع فى سورة المائدة :-
قال تعالى " قل هل أنبؤكم بشر من ذلك مثوبة عند الله من لعنه الله وغضب عليه وجعل منهم القردة والخنازير وعبد الطاغوت … "

* موضع فى سورة النحل :-
قال تعالى " ولقد بعثنا فى كل أمة رسولاً أن أعبدوا الله وأجتبوا الطاغوت … "

* موضع فى سورة الزمر : -
قال تعالى "والذين أجتنبوا الطاغوت أن يعبدوها … "

- وقد أفاض علماء الإسلام فى التفاسير وسائر المؤلفات فى الحديث عن الطاغوت وبيان معناه وسنتعرض لبعض الأقوال الجامعة لنتعرف على الطاغوت ومن أراد المزيد فعليه بكتب السلف الصالح فهى حافلة كما قلنا بالبيان والتفسير لمعنى الطاغوت .. وقبل أن نتعرض لأقوال السلف التى تبين معنى الطاغوت سنبين أولاً بإختصار معناه اللغوى والشرعى ..

* معنى الطاغوت اللغوى :-
- الطاغوت جاء من الطغيان أى مجاوزة الحد " إنا لما طغى الماء حملناكم فى الجارية " وقال علماء اللغة أن لفظة " الطاغوت " تعبيرعن الطغيان ومجاوزة الحد وأن هذه اللفظة بهذه الصيغة وهذا التركيب فيها زيادة فى المبنى ( المقصود بها مبنى الكلمة ) وزيادة المبنى تدل على زيادة المعنى وكان هذا اللفظ بهذا المبنى قد تجاوز أو يعبر التجاوز عن كل حد ...

* معنى الطاغوت الشرعى والإصطلاحى :-
وأما عن معنى الطاغوت الشرعى أو الإصطلاحى فهو كل من عبد وهو راض بالعبادة أو رشح للعبادة ، وحول هذا المعنى الشرعى سنتعرض لبعض أقوال العلماء فى ذلك :-

- قال عمر بن الخطاب :- الطاغوت هو الشيطان .
- قال الحافظ بن حجر :- معلقاً على تعريف عمر ومعنى قوله فى الطاغوت : أنه الشيطان قوى جداً فإنه يشمل كل شر كان عليه أهل الجاهلية من عبادة الأوثان والتحاكم إليها والإستنصار بها .

- تعريف الطبرى :- قال "هو كل ذى طغيان على الله فعبد من دونه شيطاناً كان أو إنساناً أو حجراً أو شجراً أو كائناً من كان " .

- تعريف الشيخ محمد بن عبد الوهاب :- قال " هو كل ما عبد وهو راض بالعبادة " ورءوس الشياطين خمسة " الشيطان - والكهان – والسحرة – والحاكم الذى يحكم بغير ما أنزل الله – والحاكم المبدل لشرع الله "

- تعريف الإمام ابن القيم للطاغوت :- قال " الطاغوت هو كل ما تجاوز به العبد حده من معبود أو متبوع أو مطاع " فطاغوت كل قوم هو ما يتحاكمون إليه من دون الله ورسوله أو يعبدونه من دون الله أو يتبعونه على غير بصيرة من الله أو يطيعونه فيما لا يعلمون أنه طاعة لله فهذه طواغيت العالم إذا تأملتها وتأملت حال الناس معها وجدت كثيراً منهم عدلوا عن عبادة الله إلى عبادة الطاغوت وعن طاعة الله ورسوله إلى طاعة الطاغوت ومتابعته ..

- ومن تعريفات العلماء للطاغوت ورؤسه نعلم أن للطاغوت صفة أو صفات أو علامات تميزه وتحدده ومن خلال هذه الصفات وتلك العلامات يستطيع المسلم أن يحدد الطاغوت فى أى واقع ويعرف رؤوسه ..

- ومن تعريفاتهم أيضاً نعلم أن رؤوس الطواغيت تختلف من واقع إلى واقع وذلك بأن نحدده فى كل من توفرت فيه صفات الطاغوت .. ومن التعريفات السابقة نعلم أن صفة الطاغوت التى تحدده وتحدد رءوسه فى أى واقع تتمثل فى كل من عبد وهو راض بالعبادة أو رشح للعبادة أو صرف الناس عن عبادة الله إلى عبادة غيره .

===============
ـــــــــــ  رءوس الطواغيت فى واقعنا المعاصر  ـــــــــــ
1 – طاغوت الحاكمية : وهو يتمثل فى الحكم بغير ما أنزل الله : بوضع قوانين وضعية من صنع البشر تحكم فى الأموال والأعراض والدماء وتصرف الناس عن الحكم بما أنزل الله وهذا يشمل الهيئات التشريعية التى شرٌعت هذه القوانين والهيئات القضائية التى حكمت بين الناس بمقتضى هذه القوانين والهيئات التنفيذية التى نفذت أو قامت على تنفيذ هذه القوانين وأحكامها ..

2 – طاغوت الولاية : - المتمثل فى الأحزاب العلمانية التى تدعوا إلى الولاء لغير الله ورسوله والمؤمنين ..

3 – طاغوت الشعائر والنسك : المتمثل فى قادة الصوفية الذين يدعون إلى صرف أنواع من العبادة لغير الله من الذبح والنذر والدعاء والإستعانة والإستغاثة وغير ذلك مما لا يصرف إلا لله وحده ..

4 – طاغوت العادات والتقاليد : المتمثل فى كل عادات وتقاليد بائدة تخالف شرع الله وتدعوا إلى نبذه ..

5 – طاغوت الزى والتبرج : المتمثل فى بيوت الأزياء وصيحات الموضة وما تدعوا إليه من إباحية وخروج على قواعد الستر والعفاف ..

6 – طاغوت النعرات الجاهلية : المتمثل فى الوطنية والقوميه وما شابه ذلك من النعرات التى تدعوا إلى الولاء على أساس غير الدين وعبادة الله وحده ..

7 – طاغوت التعصب الأعمى : وهو المتمثل فى الغيرة والتعصب لغير الدين الحق أو ما يحث عليه الدين وذلك يتمثل أكثر ما يتمثل فى المباريات الرياضية والتى تخرج من نطاق الرياضة والتربية الجسدية التى دعا إليها الدين إلى مجرد التعصب الأعمى والولاء والبراء على أساسه وهذه العصبية لا شك تخرج كما قلنا من دائرة الرياضة بل أن الرياضة والتربية الجسدية منها براء .

- قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " من قاتل تحت راية عميه يدعوا إلى عصبة أو ينصر عصبة فمات ميتة جاهلية " .. وتحديدنا لما سبق من الرءوس للطواغيت حددناه كما سبق أن قلنا لوجود صفة الطاغوت فيه وهذه الرءوس كما سبق أن قلنا أيضاً قد تختلف من واقع إلى آخر بل وقد تزيد أو تنقص بناء على توفر أو عدم توفر صفة الطاغوت فيها ..
- وكذلك الرءوس السابقة التى حددناها فى واقعنا للطواغيت هذه الرءوس كلها تندرج تحت ثلاثة رءوس أساسية وهى

1 – طاغوت الحاكمية
2 – طاغوت الولاية
3 – طاغوت الشعائر والنسك .

* فكل الرءوس السابقة التى سبق أن حددناها
• إما راجعة إلى الحكم والتحاكم لغير الله ورسوله وهذا طاغوت الحاكمية
• وإما راجعة إلى الدعوة إلى الولاية والبراءة على أساس غير أساس الدين وهذا طاغوت الولاية .
• وإما راجعة إلى الدعوة إلى صرف أى نوع من أنواع العبادة لغير الله مثل الذبح والنذر وغير ذلك وهذا هو طاغوت الشعائر والنسك .

===============
ـــــــــــ  كيفية الكفر بالطاغوت  ـــــــــــ
* قال الشيخ محمد بن عبد الوهاب : صفة الكفر بالطاغوت هى إعتقاد بطلان عبادة غير الله وتكفير أهلها ومعاداتهم .. وقال أيضاً أن دين الله يقوم على أمرين :

الأول : عبادة الله وحده لا شريك له وتكفير من تركها .
الثانى : ترك عبادة غير الله وتكفير من فعله .

- يقول الله تعالى ( ذلك بأن الله هو الحق وأن ما يدعون من دونه الباطل ) ( سورة لقمان 30 ) ، فلابد مع عبادة الله وحده أن نعتقد أن عبادة غيره باطلة وأن عبٌاد غيره مشركون ولابد من البراءة منهم .. قال تعالى ( قد كانت لكم أسوة حسنة فى إبراهيم والذين معه ..) ( سورة الممتحنة 4 ) ، وقال تعالى ( وإذ قال إبراهيم لأبيه وقومه إننى براء مما تعبدون إلا الذى فطرنى .. ) ( سورة الزخرف 26 ) وقال تعالى ( وأعتزلكم وما تعبدون من دون الله .. ) ( سورة مريم 48 )

- وهنا نكتة لطيفة ينبغى التنبيه لها فى الآية الأخيرة وهو أنه قد قدٌم إعتزال المشركين والبراءة منهم على إعتزال معبوداتهم الباطلة والبراءة منها فلابد من البراءة من الشرك وأهله بتكفير المشركين لأن عدم تكفيرهم يتعارض مع البراءة منهم . فلابد من تكفير الطواغيت وعابديهم حتى يتحقق لنا الكفر بالطاغوت – ففى تكفير الطاغوت نفسه قال الله تعالى ( ومن يقل منهم إنى إله من دون الله فذلك نجزيه جهنم كذلك نجزى الظالمين ) ( سورة الانبياء 29 )

* ويعنى هنا الظلم الظلم الأكبر وهو الشرك فالذى يدٌعى الألوهية من دون الله مشرك شرك أكبر هذا فى تكفير الطاغوت . وأما عن عابديهم فقد سبق أن بينٌا أنها من صفة الكفر بالطاغوت أو هى نفسها صفة الكفر بالطاغوت ..
------------------------------
ـــــــــــ  والخلاصـــة  ـــــــــــ
- أن كيفية الكفر بالطاغوت يتحقق بتكفير الطاغوت وتكفير المشركين الذين يعبدون الطاغوت من دون الله

ملحوظة هامة :- قلنا فى كيفية الكفر بالطاغوت بأن من الكفر به تكفيره وتكفير من عبده فما القول فى عابدى الصالحين أمثال عيسى وعزير ؟

ج – نقول أن هؤلاء الصالحين لم يرضوا بأن يعبدوا من دون الله لأنهم يرجون رحمة الله ويخافون عذابه لقوله تعالى ﴿ قل أدعوا الذين زعمتم من دونه فلا يملكون كشف الضر عنكم ولا تحويلا . أولئك الذين يُدعون يبتغون إلى ربهم الوسيلة أيهم أقرب ويرجون رحمته ويخافون عذابه ﴾ (سورة الإسراء 56 )

* وقد قال العلماء عن الجرم يعود فى هذا إلى الشيطان الذى أمر بعبادتهم وأما هؤلاء الصالحون فهو برؤاء من هذا ولا يدخلون فيه وقد حدث هذا فى عهد النبى صلى الله عليه وسلم كما ورد فى تفسير قوله تعالى ﴿ إنكم وما تعبدون من دون الله حصب جهنم أنتم لها واردون ﴾ ( سورة الانبياء 96 ) وسأنقل إليك ما قاله الإمام القرطبى فى معرض تفسيره لهذه الاية .

حيث قال : يقول الله تعالى ﴿ إنكم وما تعبدون من دون الله حصب جهنم أنتم لها واردون ﴾ قال فيه أربع مسائل :-

الأولى قوله تعالى ﴿ إنكم وما تعبدون ﴾ :- قال بن عباس : آية لا يسألنى الناس عنها لا أدرى أعرفوها فلم يسألوا عنها أم جهلوها فلا يسألوا عنها فقيل ما هى ؟ قال قوله تعالى ﴿ إنكم وما تعبدون من دون الله حصب جهنم أنتم لها واردون ﴾ لما نزلت شق على المشركين كفار قريش وقالوا شتم آلهتنا وأتوا ابن الٌزبعرى ( وهو من وجهاء قريش وأعلمهم ) وأخبروه فقال لو حضرته لرددت عليه قالوا وما كنت تقول له ؟ قال كنت أقول له هذا المسيح تعبده النصارى واليهود تعبد عزيراُ فهما فى حصب جهنم ؟ فتعجبت قريش من مقالته ورأوا أن محمد قد ُخصم فأنزل الله تعالى ﴿ إن الذين سبقت لهم منا الحسنى أولئك عنها مبعدون ﴾ ( سورة الانبياء 101 ) ، وفيه نزل قوله تعالى ﴿ ولمٌا ضُرب ابن مريم مثلاُ ﴾ يعنى ابن الزبٌعرى لما ضرب مثلاُ على سيدنا عيسى عليه السلام ﴿ إذا قومك منه يصدون ﴾ ( سورة الزخرف 57 ) ، يصدون : أى يضجون بكسر الصاد ..

* إلى أن قال فى المسألة الرابعة :- وقال العلماء لا يدخل فى هذا عيسى ولا عزير ولا الملائكة صلوات الله عليهم جميعاُ لأن كلمة ( ما ) لغير الآدميين فلوا أراد ذلك لقال ( ومن ) ، قال الزجاج : ولأن المخاطبين بهذه الآية مشركوا مكة دون غيرهم ..

================
ـــــــــــ  العبــــادة  ـــــــــــ
العبادة معناها اللغوى :- الذل والخضوع و( التعبيد ) التذليل يقال طريق معبد والتعبيد أيضاُ الأستعباد وهو إتخاذ الشخص عبداُ وكذلك الإعتباد وفى الحديث ( رجل أعتبد محرراُ ) وكذا الإعباد ( والتعبد ) أيضاُ يقال ( تعبده ) أى إتخذه عبداُ والعبادة الطاعة والتعبد والنسك وعبد بمعنى غضب من باب طرب ومنها قوله تعالى ﴿ فأنا أول العابدين ﴾ أى الغاضبين وقوله تعالى ﴿ فأدخلنى فى عبادك ﴾ أى حزبك والأسم العبده .

- أما معناها الشرعى : فقد عرٌفها الإمام ابن تيميه فقال ( العبادة هى كل ما يحبه الله ويرضاه من الأقوال والأفعال الظاهرة والباطنة ، وقال أحد الأئمة : العبادة هى ما أمر الله به على السنة رسله ..
================
ـــــــــــ  الدين  ـــــــــــ
معناه اللغوى :- بالكسر هو ( العادة والشأن ) ودانه يدينه دينا ً أى ( أذله واستعبد ) وفى الحديث ( الكيٌس من دان نفسه وعمل لما بعد الموت ) ، والدين هو ( الجزاء والحساب والمكافأة ) يقال دانه يدينه ديناُ أى جازاه ، ويقال كما تدين تدان أى كما تجازٍى تجِازْى بفعلك وبحسب ما عملت .

وقوله تعالى : ﴿ إنا لمدينون ﴾ ( سورة الصافات 53 ) أى لمجزيون محاسبون ومنه ( الديٌان ) صفة الله تعالى ، ( والمدين : العبد ) ، ( والمدينة : الأمة ) كأنما أذلهما العمل ، ( ودانه : ملكه ) وقيل منه سمى المصر مدينة ، والدين أيضاٌ الطاعة ، يقولون وإن له يدين ديناُ أى أطاعه ومنه " الدين " والجمع " الأديان " ويقال " دان " بكذا " ديانه " فهو دين تدين به فهو " متدين " ودينه تديناٌ أى وكله إلى دينه ، والدين بالكسر الجزاء ، وقد دنته ديناُ بالكسر وبكسر " ديناٌ "
- والإسلام وقد دنت به الكسر العادة والعبادة والمواظب من الأمطار واللين منها والطاعة كالدينه بالهاء منهما والذل والدعاء والحساب والقهر والغلبة والإستعلاء والسلطان والملل والحكم والسيرة والتدبير والتوحيد إسم لجميع ما يتعبد الله عزوجل به والملة والورع والمعصية والإكراه ومن الأمطار : ما يعاهد موضعاُ فصار ذلك له عادة والمال والقضاء ، ودنته أدينه : خدمته وأحسنت إليه وملكته ومنه المدينة للمصر والديان القهار والقاضى والحاكم والسائس والحاسب والمجازى الذى لا يضيع عملاُ .

والمدين : العبد ، والمدينة : الأمة لأن العمل أذلهما وفى الحديث ( كان النبى صلى الله عليه وسلم على دين قومه ) أى على ما بقى منهم من وارث إبراهيم وإسماعيل عليهما السلام فى حجهم ومناسكهم وبيوعهم وأساليبهم .. أمٌا التوحيد فقد بدلٌوه والنبى صلى الله عليه وسلم لم يكن إلا عليه ودان بدين عز وذل وأطاع وعصى وأعتاد خيراٌ أو شراُ وأصابه الداء وفلاناُ حمله على ما يكره وأذله " ودينه تدييناُ " وكله إلى دين وأن من يدينها أى عالم بها ، والدين القانون قال تعالى ﴿ كذلك كدنا ليوسف ما كان ليأخذ أخاه فى دين الملك ﴾ ( سورة يوسف 73 ) يعنى شرعه وحكمه وقانونه فالدين يعنى الدينونة والخضوع والطاعة والجزاء والحساب والعقاب " ..

** ومعنى الدين الشرعى : هو منهج الحياة الكامل من نواحيها الفكرية والإعتقادية والعملية والسياسية والإجتماعية فهو منهج شامل للحياة ..

================
ـــــــــــ  الرب  ـــــــــــ
الرب :- رب كل شىء مالكه والرب اسم من أسماء الله تعالى ولا يقال فى غيره إلا بالإضافة وقد قالوه فى الجاهلية للملك الربانى المتأله العارف بالله تعالى ورب ولده من باب رد " وربيه " " وتربية " بمعنى أى رباه وربيب الرجل من إمرأته ولدها من غيره وهو بمعنى " مربوب " والأنثى " ربيبة " .

الرب :- مالك الشىء الذى لا يعُقل مضافاً إليه ومنه قوله صلى الله عليه وسلم فى ضالة الإبل حتى يلقاها ربها ، واستعمل بمعنى السيد مضافاً إلى العاقل وفى الحديث ( حتى تلد الأمة ربتها ) وربما جاء باللام عوضاً ، الإضافة إذا كان بمعنى السيد ، قال الحرث : فهو الرب والشهيد على يوم الحبارين والبلاء بلاء .

الرب :- رب كل شىء مالكه وصاحبه ومستحقه وطالت مرتبه وربابيته بالكسر مملكته ومربوب بين الربوبة مملوك وتربب الأرض والرجل أوعى أنه ربهما ورب جمع وزاد ولزم وأقام كأرب الأمر : أصلحه الدهن طيٌبة تربية والشىء ملكه ولزق ربا وبضم . رباه والصبى رباه حتى أدرك تربيه تربيباً وتربه كنحلة وأربيه وأربيبته كسمع لغة فيه " ولبيبوالمربوب والربوب " إبن امرأة الرجل والمعاهد وزوج الأم كالراب ص35

والرب :- الأرض الكثيرة النبات كالمرباب بالكسر والمحل ومكان الإقامة والرجل يجمع الناس والرابة إمرأة الأب .

الرب :- المالك فيه قول صفوان لأبى سفيان لأن يربينى رجل من قريش أحب إلى من أن يربينى رجل من هوازن تقول ربه يربه رباً فهو رب ويجوز أن يكون وصفاً بالمصدر للمبالغة كما وصف العادل بالعدل ، ولم يطلقوا الرب إلا فى الله وحده وهو فى العبيد مع التقييد ، قال الواسطى : هو الخالق إبتداء والمربى غذاء والغافر إنتهاءاً ..

* المعنى الشرعى للرب :- هو السيد المطاع المربى المالك القائم على أمر التنشئة والتربية المشرٌع النافذ الحكم الذى له أحقية التحليل والتحريم قال تعالى ﴿ اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أرباباً من دون الله ﴾ ( سورة التوبة 31 )

================
ـــــــــــ  الإله  ـــــــــــ
المعنى اللغوى للإله :- أله يأله بالفتح فيهما " ألاهه" أى عبد ومنه قرأ ابن عباس رضى الله عنهما قوله تعالى ﴿ ويذرك وآلهتك ﴾ ( سورة الاعراف الاية 127 ) بكسر الهمزة أى وعبادتك وكان يقول إن فرعون كان يعُبد ومنه قولنا الله " وأصله " ألاه " على فعال بمعنى مفعول لأنه مألوه أى معبود كقولنا إمام بمعنى مؤتم به فلما أدخلت عليه الألف واللام حذفت الهمزة تخفيفاً لكثرته فى الكلام " والتأليه " " التعبيد " والتأله هو التنسك والتعبد وتقول إله أى تحير وبابه طرب وأصله وله بوله ولها ..

* إله : أله ألاهه وألوهيه :- عبد عبادة ومنه لفظ الجلالة واختلف فيه على عشرين وجه وأصحها أنه علم غير مشتق وأصله إله كمثال وبمعنى مألوه وكل ما أتخذ معبود إله عند متخذه ، الالاهه والالهانية والتأله التنسك والتأليه التعبيد وأله تحير وعلى فلان أشتد جزعه عليه وإليه فزع ولاذ ، وألهه أجاره وآمنه ، لاه يليه ليهاً تستر وجوز سيبويه اشتقاق إسم الجلالة منها وعلا وإرتفع وسميت الشمس إلهة لإرتفاعها ولاهوت إن كان من كلامهم منعلوت من لاه ..

الله :- المعبود بحق وإلاله من أسماء الأجناس يقع على كل معبود بحق أو باطل ، والله :- إسم غير صفة لأنك تصفه ولا تصف به . والقرآن وصف الله سبحانه وتعالى بإعتبار ذاته ووصفه بإعتبار صلته بمخلوقاته مكلفين وغير مكلفين وإعتبار صلة مخلوقاته به مكلفين أيضاً وغير مكلفين ..

المعنى الشرعى للإله :- الإله هو الذى تألهه القلوب محبة وإجلالاً وخوفاً ورجاء وإنابه وتوكلاً وإكراماً وتعظيماً وذلاً وخضوعاً ..

---------------------------------
ملحوظة :- قد تستخدم كل من الربوبية والألوهية مقام الأخرى لأن الإله هو الذى يعُبد بحق لابد أن يخلق ويرزق فهو رب والذى يخلق ويرزق خليق بأن يُعبد بحق فيكون إلهاً ومن هنا جاء وصف الأنداد والأرباب فى حق شرك العبادة ، أما شرك الربوبية فينذر أن يوجد ولذا قل أن يعبر عنه بنفسه أو بلازمه ..

================
ـــــــــــ  الأنداد  ـــــــــــ
المعنى اللغوى للأنداد :- الند هو المثل المناوىء ، والند بمعنى الشبيه والنظير والمساوى قال تعالى ﴿ ثم الذين كفروا بربهم يعدلون ﴾ ( سورة الانعام الاية 1 ) أى يساوون به غيره قال جرير :
أنتـم تجعـلون إلـى نــداً وماليتم لذى حسب نديد
- من ندنيد ندودا إذا نفر ، وناددت الرجل : حالفته
- خص بالمخالف المماثل فى الذات كما خص المساوى بالمماثل فى القدرة تسمية ما يعبده المشركون أنداداً وما زعموا أنها تساويه فى ذاته وصفاته ، ولا أنها تخالفه فى أفعاله لأنهم لمٌا تركوا عبادته إلى عبادتها وسموها إله شابهت حالهم حال من يعتقد أنها ذوات واجبة قادرة على أن تدفع عنهم بأس الله وتمنحهم ما لم يرد الله بهم من خير فتهكم وشنع عليهم بأن جعلوا أنداداً لمن يمتنع أن يكون له نداً ..

المعنى الشرعى للأنداد :- يقول الله تعالى ﴿ ومن الناس من يتخذ من دون الله أنداداً يحبونهم كحب الله ﴾ ( سورة البقرة الاية 165 ) ، قال ابن كثير قال ابن عباس والسٌدى : المراد بالانداد الرؤساء المتبعون يطيعونهم فى معاصى الله ، ويقول الإمام النسفى فى قوله تعالى ﴿ أتخذوا أحبارهم ورهبانهم أرباباً من دون الله ﴾ ( سورة التوبة الاية 31 ) .. يقول الأرباب هى آلهة من دون الله ، حيث أطاعوهم فى تحليل ما حرم الله وتحريم ما أحل الله كما يطاع الأرباب فى أوامرهم ونواهيهم ..

وكذلك يقول القرطبى :- معناه أنهم أنزلوهم منزلة ربهم فى قبول تحريمهم وتحليلهم بما لم يحرمه الله ولم يحله الله ، قال الألوسى : الأكثرون من المفسرين قالوا ليس المراد من الأرباب أنهم أعتقدوا أنهم آلهة العالم بل المراد أنهم أطاعوهم فى أوامرهم ونواهيهم ..

================
ـــــــــــ  الإســلام  ـــــــــــ
المعنى اللغوى للإسلام :- هو الإستسلام والأنقياد بالتذلل والخشوع
المعنى الشرعى للإسلام :- قال أبو جعفر هو يعنى الدين فى هذا الموضوع ( إن الدين عند الله الإسلام ) وهو الطاعة والذلة من قول الشاعر :-

ويوم الحزن إذ حشدت بعد وكان الناس إلا نحن دينا
ومعنى ذلك مطيعين على وجه الذل ومنه قول العطابى : كانت نوار تدينك الأديان معنى تذلك وقول ميمون ابن قيس :-

هو دان الرباب إذ كرهوا الدين دراكاً بفروة وصيال
يعنى بقوله دان : ذل ، وبقوله كرهوا الدين : الطاعة ، وكذلك الإسلام : هو الإنقياد بالتذلل والخشوع والفعل منه أسلم بمعنى دخل فى السلم كما يقول ( أقحط القوم إذا دخلوا فى القحط وأربعوا إذا دخلوا فى الربيع فكذلك أسلموا إذا دخلوا فى السلم وهو الإنقياد بالخضوع وترك المخالفة ...

ويقول أبو جعفر :- فإذا كان ذلك فتأويل قوله تعالى ﴿ إن الدين عند الله الإسلام ﴾ ( سورة ال عمران الاية 19 ) إن الطاعة التى هى الطاعة عنده : هى الطاعة له وإقرار الألسن والقلوب بالعبودية والذلة وإنقيادها له بالطاعة فيما أمر ونهى وتذللها له بذلك من غير إستكبار عليه ولا إنحراف عنه دون إشراك غيره من خلقه معه فى العبودية والألوهية ..

وعن أبى العاليه ( إن الدين عند الله الإسلام ) الإخلاص لله وحده وعبادته لا شريك له وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة وسائر الفرائض لهذا اتبع .

وعن محمد بن جعفر :- أى ما أنت عليه يامحمد من توحيد الرب وتصديق الرسل التسليم :- بذل الرضا بالحكم ، وأسلم دخل فى السلم بفتحتين وهو الإستسلام ، ( وأسلم : إنقاد وصار مسلماً )

================
ـــــــــــ  الإيمان  ـــــــــــ
المعنى اللغوى للإيمان :- أمن منه مثله منه وزناً ومعنى يتعدى بنفسه وبالحرف وتعدى إلى شأن بالهمزة فيقال أمنته منه وآمنته عليه .. وآمنت بالله إيماناً : أسلمت له ، آمن به إيماناً : صدقه
المعنى الشرعى للإيمان :- الثقة وإظهار الخضوع وقبول التشريع ، المؤمن : صفة لله تعالى لأنه آمن عباده أن يظلمهم ..

================
ـــــــــــ  الكفـــر  ـــــــــــ
معنى الكفر اللغوى :- كفر بالله كفراً وكفراناً وكفر النعمة وبالنعمة أيضاً جحدها وفى الدعاء ولا يكفرك الأصل ولا يكفر نعمتك وكفر بكذا أى تبرأ منه وفى التنزيل ﴿ إنى كفرت بما أشركتمونى من قبل ﴾ ( سورة ابراهيم 22 ) وكفر بالصانع نفاه وعطل وهو الدهرى والملحد وهو كافر وكفره وكفار وكافرون والأنثى : كافرة وكوافر وكفرته كفراً سترته ..

وقال لبيد : فى ليلة كفر النجوم عمامها أى ستر
وكفٌر عنه الذنب : محاه ومنه الكفارة لأنها تكفر الذنوب أى تمحوه
والكافور : كم النحل لأنه يستر ما فى جوفه
وفى مختار الصحاح : الكفر ضد الإيمان وهو ضد الشكر .

ومعنى الكفر الشرعى :- منه ما يخرج من الملة فيكون صاحبه كافراً كفراً يخرجه من ملة الإسلام ومنه ما لا يخرج من الملة وقد حدد علماء الإسلام أنواع ما يخرج من الملة وما لا يخرج من الملة تحديداً دقيقاً إستنباطاً من نصوص الشرع الحنيف وما يخرج من الملة وما لا يخرج منها وقد قال بعض علماء الإسلام وفى الكفر قاعدة لغوية تفرق بين ما يخرج من الملة وما لا يخرج من الملة فقالوا :- المطلق والمعرف يخرجان عن الملة
والمقيد والمنكر فى سياق إثبات لا يخرج عن الملة .

================
ـــــــــــ  الفسـق  ـــــــــــ
معناه اللغوى :- الخروج يقال فسقت الرطبة إذا خرجت .
معناه الشرعى :- ينقسم إلى ما يخرج من الملة وما لا يخرج من الملة وقوله تعالى ﴿ وما يكفر بها إلا الفاسقون ﴾ ( سورة البقرة الاية 99 ) وأما ما لا يخرج من الملة مثل قول النبى صلى الله عليه وسلم " سباب المسلم فسوق وقتاله كفر "

================
ـــــــــــ  الظلــــم  ـــــــــــ
معناه اللغوى :- وضع الشىء فى غير موضعه .
معناه الشرعى :- هو نوعان منه ما يخرج من الملة ومنه ما لا يخرج من الملة ، فما يخرج من الملة كقوله تعالى ﴿ والكافرون هو الظالمون ﴾ ( سورة البقرة الاية 254 ) وقوله ﴿ إن الشرك لظلم عظيم ﴾ ( سورة لقمان الاية 13 ) ، وأما ما لا يخرج من الملة فظلم العبد لنفسه بإرتكاب المعاصى ولظلم العباد بعضهم البعض ..

================
ـــــــــــ  الشــــرك  ـــــــــــ
معناه اللغوى :- من المشاركة كإشراك أحد لغيره أو مشاركته لغيره فى أمر ومنه الشركة التى تكون بين أثنين أو أكثر .

معناه الشرعى :- فهو نوعان منه ما يخرج من الملة ومنه ما لا يخرج من الملة وقد قال العلماء عن الشرك قاعدة بها تحدد الفرق بين ما يخرج من الملة وما لا يخرج من الملة فقالوا :-

* الأصل فى الشرك ما يخرج من الملة إلا ما وجد دل الدليل على كونه أصغر ومن أمثلة الشرك الذى يخرج من الملة صرف أى نوع من أنواع العبادة لغير الله كالنذر والذبح لغير الله أو الحكم والتحاكم لغير الله أو قيام الحب والنصرة على أساس غير أساس الدين وأما ما لا يخرج من الملة كالرياء والحلف بغير الله من غير تعظيم للمحلوف به ..

- ملحوظة :- يطلق على الكفر والفسق والظلم والشرك المخرج من الملة الأكبر يعنى الكفر الأكبر أو الفسق الأكبر أو الظلم الأكبر أو الشرك الأكبر . أما ما لا يخرج من الملة فيطلق عليه الكفر الأصغر أو كفر دون كفر ...إلخ ..

================
ـــــــــــ  المعصيــــة  ـــــــــــ
معناها اللغوى :- الخروج على الطاعة .
معناها الشرعى :- ما يطلق عليه الكفر والشرك الأكبر كعصيان بالله تعالى فى التوحيد كما قال تعالى ﴿ ومن يعص الله ورسوله فإن له نار جهنم خالداً فيها أبداً ﴾ ( سورة الجن 23 ) أى يعصه فى الأمر بالتوحيد وكذلك ﴿ وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمراً أن يكون لهم الخيرة من أمرهم ومن يعص الله ورسوله فقد ضل ضلالاً مبيناً ﴾ ( سورة الاحزاب).
- ومن المعاصى ما هو دون الشرك والكفر الأكبر وقد قسمها علماء الإسلام إلى كبائر وصغائر واللمم ومنهم من قال كل المعاصى كبائر بالنظر إلى المعصى ..

================
ـــــــــــ  الذنــــب  ـــــــــــ
ما قيل على المعصية يقال على الذنب أيضاً فمن الذنوب ما يعد من الشرك والكفر الأكبر كما فى قول النبى صلى الله عليه وسلم لمٌا سئل " أى الذنب أعظم قال أن تجعل لله نداً وقد خلقك ، ومن الذنوب ما هو دون الشرك والكفر الأكبر بنفس التقسيم السابق للمعصية لأن كلا من الذنب والمعصية بمعنى واحد أو يطلق كل منهما على الآخر والعكس ..

================
ـــــــــــ  الضــــــلال  ـــــــــــ
معناه اللغوى :- من ضل يضل ضلالاً إذا ضل الطريق وسلك طريقاً غيره ً.
معناه الشرعى :- منه ما هو ضلال كفر ومنه ما هو ضلال بدعة وضلال البدعة يعتبر فسقاً إعتقادياً ، يقول الشاطبى فى الإعتصام ( فلا بدعة أعظم وزراً من بدعة تخرج عن الإسلام كما أنه لا ذنب أعظم من ذنب يخرج عن الإسلام ) .

================
ـــــــــــ  الإعتقــــــــاد  ـــــــــــ
معناه اللغوى :- ( عقد ) الحبل ، والبيع والعهد فانعقد ، وعقد الرب غلظ فهو عقيد ، والعقيده موضوع العقد وهو ما عقد عليه ، ( واعتقد كذا ) بقلبه وليس له معقود ، أى عقد رأى ( المعاقدة ) المعاهدة وتعاقد القوم فيما بينهم , والتعاقد مواضع العقد والعقيد ( المعاقد )

- عقدت الحبل من باب ضرب فانعقد ، والعقدة ما يمسكه ويوثقه ومنه قيل عقدت البيع ونحوه وعقدت واليمين ، وعقدتها بالتشديد توكيد وعاقدته على كذا وعقدته عليه بمعنى عاهدته ومعقد الشىء مثل مجلس موضع عقده وعقدة النكاح وغيره إبرامه وإحكامه وإعتقدت مالاً جمعته ..

المعنى الشرعى :- هو ما يعقد عليه القلب والضمير فى الأمور الشرعية حتى قيل أن العقيدة ما يدين به الإنسان وله عقيدة حسنة صالحة خالية من الشك .

- وقال القرطبى فى تفسير قوله تعالى ﴿ لا يؤاخذكم الله باللغو فى أيمانكم ولكن يؤاخذكم بما عقدتم عليه الإيمان ﴾ (سورة المائدة الاية 89 ) عقدتم مخفف القاف من العقد والعقد على ضربين ( حسى كعقد الحبل ) ، ( وحكمى كعقد البيع ) قال الشاعر :

قوم إذا عقدوا عقداً مجارهم شدوا الغناج وشدوا فوقه الكربا

* فاليمين المنعقده منفعلة من العقد وهى عقد القلب فى المستقبل إلا يفعل ففعل . وقرىء ( عاقدتم ) غلى وزن فاعل وذلك لا يكون إلا فى إثنين فى الأكثر وقد يكون الثانى من حلف لأجله فى كلام وقع معه أو يكون فاعل بمعنى فعل كما قال تعالى ﴿ قاتلهم الله ﴾ ( سورة الحجر 94 ) أى قتلهم وقد تأتى المفاعلة فى كلام العرب فى واحد بغير معنى فاعله كقولهم سافرت ، ظاهرت . أو يكون المعنى بما عقدتم عليه الإيمان لأن عاقد قريب من معنى عاهد ، وعاهد يتعدى إلى المفعول الثانى بحرف جر كقوله تعالى ﴿ ومن أوفى بما عاهد عليه الله ﴾ ويكون بما قد تم عليه الإيمان محذوف حرف الجر ووصل الفعل بالمفعول فصار بما عقدتموه ثم حذف الهاء كم حذفت من قوله تعالى ﴿ فاصدع بما تؤمر ﴾ وقرأ عقدتم بتشديد القاف .

* قال مجاهد معناه تعمدتم أى بما قصدتم عقد اليمين وأكده

================
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
ابوحفص
مسلم جديد
مسلم جديد



ذكر عدد الرسائل : 4
العمر : 57
علم بلدك :  العقد الفريد في التوحيد Flag_comoros
تاريخ التسجيل : 17/09/2011

 العقد الفريد في التوحيد Empty
مُساهمةموضوع: رد: العقد الفريد في التوحيد    العقد الفريد في التوحيد Emptyالسبت سبتمبر 17, 2011 8:37 am

تابع الموضوع
ـــــــــــ  الإقــــرار  ـــــــــــ
معناه اللغوى :- من الاقرار بخبر ما أو الإلتزام بشىء ما .
معناه الشرعى :- قالوا إن منه ما هو خبرى ومنه ما هو إلتزامى والغالب عليه الإلتزامى لقوله تعالى ﴿ وإذ أخذ الله ميثاق النبيين لما آتيتكم من كتاب وحكمة ثم جاءكم رسول مصدق لما معكم لتؤمنن به ولتنصرنه قال ءأقررتم وأخذتم على ذلكم إصرى قالو أقررنا قال فاشهدوا وأنا معكم من الشاهدين ﴾ ( سورة آل عمران الاية 187 ) ..

================
ـــــــــــ  النيـــــة  ـــــــــــ
معناها اللغوى :- نوى ( نويته ) قصدته والنية : الإسم والأمر والوجه الذى ينتويه .
معناها الشرعى :- عزم القلب على أمر من الأمور وأنتوى مثله وقصده كما قال النبى صلى الله عليه وسلم ( إنما الأعمال بالنيات ) ..

================
ـــــــــــ  الأمــــة  ـــــــــــ
أمة :- الجماعة قال الأخفش هو فى اللفظ واحد وفى المعنى جميع وكل جنس من الحيوان أمة .

والأمة : الطريق والدين ويقال فلان لا أمة له : أى لا دين له وقوله تعالى ﴿ كنتم خير أمة ﴾ ( سورة ال عمران 110 ) الجبن ﴿ وأدكر بعد أمة ﴾ (سورة يوسف 45 ) ، ﴿ ولئن أخرنا عنهم العذاب إلى أمة معدودة ﴾ ( سورة هود 8 ).

الام :- بالفتح القصد يقال أمة أممه تأممه إذا قصده وأم القوم فى الصلاة وأئتم به : إقتدى ، ( والإمام ) الصفع من الأرض والطريق قال تعالى ﴿ وإنهما لبإمام مبين ﴾ ( الحجر 80 ) والإمام الذى يقتدى به وتقول أمامه أى قدامه ، والأمة : لها معنى عام وآخر خاص ، فالأمة بمعناها العام جميع الأمم بما فيهم أمة محمد صلى الله عليه وسلم كما فى قول النبى صلى الله عليه وسلم " فأقول أمتى أمتى " ..

================
ـــــــــــ  الإكــــــــراه  ـــــــــــ
معناه :- هو إكراه إنسان لآخر أقره على قول أو فعل من الأفعال وللإكراه ثلاثة أركان :-

- مكره بفتح الراء :- وهو الذى وقع عليه الإكراه
- ومكره بكسر الراء :- وهو الذى قام بالإكراه أو أكره غيره على فعل أو قول من الأقوال
- ومكره عليه :- وهو الفعل أو القول الذى حدث الإكراه عليه ، والإكراه درجات تتفاوت فيها قوة الإكراه وضعفه وقد قال علماء الإسلام بأن أفعال الإنسان من حيث الإرادة والقصد لها ثلاثة أحوال وهى :-

1 – ثبوت الرضا والإختيار وهذه ليست حالة إكراه .
2 – إنعدام الرضا وبقاء الإختيار .
3 – إنتفاء الإرادة والقصد بإنتفاد الرضا وإنتفاء الإختيار ومن هذا المنطلق حدد علماء الإسلام أنواع الإكراه وهى كالتالى :-

أ – إكراه ملجىء :- وهو الذى ينعدم فيه الرضا والإختيار وتنتفى الإرادة والقصد وذلك بالوقوع تحت تعذيب شديد أو نحو ذلك مما يتلف الإرادة ويسقط مسئولية الإنسان عن أفعاله وأقواله بحيث تكون كأفعال العجماوات والجمادات والوصول إلى هذه الحالة يتفاوت فيه الناس بحسب قوة إيمانهم وضعفه ، وقوة إرادتهم وضعفها وقوة تحملهم وقوتها وهذه الحالات هى التى نزلت فيها آية النحل ﴿ من كفر بالله من بعد إيمانه إلا من أكره وقلبه مطمئن بالإيمان ﴾ ( النحل 106) وأختلفت فيها مواقف بلال عن عمار بل يقال إنه ما ثبت لها غير بلال وكذلك ما يستخدم فيه الإنسان كالآلة ويسمى الإكراه الملجىء بالتام أيضاً ..

ب – إكراه ناقص :- وهو الذى ينعدم فيه الرضا ولا ينعدم فيه الإختيار ومنه حالات التهديد والتخيير حيث يكون للإنسان إرادة وقصد ويختار به أخف الضررين عليه مثل حالة شعيب عليه السلام وقومه ﴿ قال الملأ الذين إستكبروا من قومه لنخرجنك ياشعيب من أرضنا والذين آمنوا معك ﴾ ( الأعراف 88 ) ..

ج – إكراه الإستضعاف :- وهو الذى لا تعذيب فيه ولا تهديد ولكن المستضعف داخل تحت وضع مفروض عليه من غيره مثل من يقيم فى دار كفر فإن كان دخوله تحت هذا الوضع لعجزه عن دفعه والخروج منه ولو أمكن له ذلك لفعل مهما كانت تضحياته وتكاليفه فهذا قد عفا الله عنه ، أمٌا إذا كان قادر على الدفع أو الخروج ولم يفعل هرباً من التضحيات وإيثار للعافية فهم يتحمل مسئولية بقائه ..

================
ـــــــــــ  التقيـــة  ـــــــــــ
معناها :- أصلها من وقيه على وزن فعُله مثل تؤُده وتهمة قلبت الواو تاء وفى ( تقاه ) قلبت الياء ألفاً وهى خداع وإحتيال لإبهام الأعداء بالموافقة مع إطمئنان القلب بالإيمان وقد يلجأ المسلمون إليها لغير حالة الإكراه لتحقيق مصلحة للمسلمين كما حدث فى قصة قتل كعب إبن الأشرف ، أما غير ذلك والأصل عدم جوازها إلا بشروطها .

* قال القرطبى :- والتقيه لا تحل إلا مع خوف القتل أو القطع أو الإيذاء العظيم ، قال ابن عباس :- هو أن يتكلم بلسانه وقلبه مطمئن بالإيمان ولا يقتل ولا يأتى مأثماً .
* وقال الحسن :- التقيه جائزة إلى يوم القيامة ولا تقيه فى القتل ..

================
ـــــــــــ  الـــــــردة  ـــــــــــ
معناها اللغوى :- من الرحوع والإرتداد على الأعقاب والعودة من حيث جاء .
معناها الشرعى :- هو الكفر بعد الإيمان كما قال تعالى ﴿ ياأيها الذين آمنوا من يرتد منكم عن دينه فسوف يأت الله بقوم يحبهم ويحبونه ﴾ ( سورة المائدة الاية 54 ) ..

ـــــــــــ  معنى كلمة التوحيد " لا إله إلا الله  ـــــــــــ
تناول علماء الإسلام كلمة التوحيد بالشرح والبيان وأفاضوا فى ذلك وأسعفهم فى ذلك وضوح الأدلة فيها وبيان الآيات المحكمة والسنة المتواترة لمعناها بما لا يدع مجالاً للشك أو للإجتهاد عن النص ، وقد تحدث علماء الإسلام عن كلمة التوحيد تارة من تركيبها اللغوى مبينين للمعنى الشرعى وتارة أخرى إنطلاقاً من أنها تعبر عن التوحيد الذى جاءت به الرسل وتناولوه بالتقسيم ..

المعنى الشرعى لكلمة التوحيد إنطلاقاً من المعنى اللغوى :-
معناها اللغوى :- هى نفى وإثبات ( لا : نفى ) ، ( إله : فهى تنفى الألوهية عما سوى الله ) لأنها بعد أن نفتها فى ( لا إله ) أثبتتها لله وحده بـ( إلا الله ) ، ومعناه لا معبود بحق إلا الله : وإنطلاقاً من هذا التركيب اللغوى لكلمة التوحيد بين العلماء والمعنى الشرعى فقالوا ..

المعنى الشرعى لكلمة التوحيد :- كلمة التوحيد كفر وإيمان ، ونفى وإثبات ، وولاء وبراء ، ( لا إله ) تمثل الكفر بالطاغوت ، ( إلا الله ) تمثل الإيمان بالله وهذا ما بينه الله عزوجل فى قوله تعالى ﴿ فمن يكفر بالطاغوت ويؤمن بالله فقد إستمسك بالعروة الوثقى ﴾ ( سورة البقرة الاية 256 ) .. وقد قال علماء الإسلام العروة الوثقى هى كلمة التوحيد ﴿ لا إله إلا الله ﴾ ولابد لتحقيق التوحيد من الجمع بين الأمرين وهما الكفر بالطاغوت والإيمان بالله ..

* قال الشيخ محمد عبد الوهاب :- ( ما آمن بالله من لم يكفر بالطاغوت ) والدليل قوله تعالى ﴿ فمن يكفر بالطاغوت ويؤمن بالله فقد إستمسك بالعروة الوثقى ﴾ ..

* وكلمة التوحيد نفى وإثبات :- فهى تنفى أربعة أمور وتثبت أربعة أمور ..
- تنفى الآلهة والطواغيت والأنداد والأرباب .
- وتثبت الخوف والرجاء والتعظيم والمحبة والتقوى

* وقد سبق لنا أن بينٌا معنى الطاغوت والإله والرب والأنداد فى الحديث عن المصطلحات القرآنية وأما الأشياء التى تثبتها كلمة التوحيد وهى :-

1 – الخوف والرجاء :-
- فلابد من الجمع بين الخوف والرجاء بأن نعبد الله وحده خوفاً من عقابه ونرجوا بعبادته سبحانه ثوابه ولا نخاف إلا الله وحده قال تعالى فى الخوف ﴿ فلا تخافوهم وخافونى إن كنتم مؤمنين ﴾ وقال فى الرجاء ﴿ فمن كان يرجوا لقاء ربه فليعمل عملاً صالحاً ولا يشرك بعبادة ربه أحداً ﴾ ( سورة الكهف الاية 110 ) ..

* والخوف أنواع ( خوف شرك وخوف توحيد وخوف طبيعى )
- خوف الشرك :- هو الخوف من مخلوق فيما لا يقدر عليه إلا الله .
- وخوف التوحيد :- هو الخوف من الله وحده كما فى الاية ﴿ فلا تخافوهو وخافونى إن كنتم مؤمنين ﴾ ( سورة آل عمران الاية 175 ) وقوله ﴿ إنما يخشى الله من عباده العلماء ﴾ ( سورة فاطر الاية 28 ) ..

- والخوف الطبيعى :- كالخوف مما يؤذى كالخوف من السلطان الطاغى خوفاً لا يترتب عليه شركاً أو تركاً للحق خوفاً من هذا السلطان ، ومن الخوف الطبيعى أيضاً الخوف من النار ومن الثعبان وما شابه ذلك

-----------------------------
2 – المحـــــبة :-
فكلمة التوحيد تثبت المحبة لله وحده ولرسوله والمؤمنين ومحبة الله بعبادته وتقديم أمره على أمر غيره كما قال تعالى ﴿ ومن الناس من يتخذ من دون الله أنداداً يحبونهم كحب الله والذين آمنوا أشد حباً لله ﴾ ( سورة البقرة الاية 165 ) ..
-----------------------------
3 – التعظــيم :-
وتعظيم الله سبحانه وتعالى بتعظيم أمره ونهيه وتعظيم حرماته وشعائره قال تعالى ﴿ ومن يعظم حرمات الله فهو خير له عند ربه ﴾ ( سورة الحج 30 ) وقوله ﴿ ومن يعظم شعائر الله فإنها من تقوى القلوب ﴾ ( سورة الحج 32 ) ..
-----------------------------
4 – التقوى :-
وقد عرٌف علماء الإسلام التقوى بتعريفات جامعة منها سُأل عمر بن الخطاب أبى بن كعب عن التقوى فقال ( أما سلكت طريقاً ذا شوك قال نعم قال فما عملت قال شمرت وأجتهدت قال فذلك التقوى ) ، قال عبد الله بن مسعود :- التقوى أن تعمل بطاعة الله على نور من الله ترجوا ثواب الله وأن تعمل على ترك معصية الله على نور من الله تخاف عقاب الله .
* ومن الأمور التى تثبتها كلمة التوحيد القصد وهو كونك لا تقصد إلا الله . قال على بن أبى طالب :- التقوى هى العمل بالتنزيل والخوف من الجليل والرضا بالقليل والإستعداد ليوم الرحيل ..

================
ـــــــــــ  كلمة التوحيد ولاء وبراء  ـــــــــــ
- ولاء لله ولرسوله وعباده المؤمنين وبراء من كل طاغوت يعبد من دون الله ﴿ الله ولى الذين آمنوا يخرجهم من الظلمات إلى النور والذين كفروا أولياؤهم الطاغوت ﴾ ( سورة البقرة الاية 256 ) .

* ولاء لشرع الله سبحانه وتعالى وبراء من كل شرع غير شرع الله قال تعالى ﴿ أتبعوا ما أنزل إليكم من ربكم ولا تتبعوا من دونه أولياء قليلاً من تذكرون ﴾ ..

* ولاء لحكم الله ورسوله وبراء من حكم الجاهلية قال تعالى ﴿ أفحكم الجاهلية يبغون ومن أحسن من الله حكماً لقوم يوقنون ﴾ ( سورة المائدة الاية 50 )
================
المعنى الشرعى لكلمة التوحيد إنطلاقاً من أنها تعبر عن التوحيد الذى جاءت به الرسل :-
- قسٌم العلماء التوحيد إلى أقسام فالبعض قسٌمه إلى قسمين والبعض الآخر قسٌمه إلى ثلاثة أقسام ، ويحوى معنى القسمين عند من قسٌموه إلى قسمين معنى الثلاثة عند من قسٌموه إلى ثلاثة أقسام . وعند من قسٌموا التوحيد إلى ثلاثة أقسام قالوا أن التوحيد ينقسم إلى :-

1 – توحيد الربوبية
2 – توحيد الألوهية
3 – توحيد الأسماء والصفات
---------------------------------
- وعند من قسٌموا التوحيد إلى قسمين ينقسم التوحيد إلى :-

1 – توحيد الإثبات والمعرفة :- ويسمى أيضاً التوحيد القولى الإعتقادى العملى الخبرى وهذا التوحيد بينته سورة الإخلاص ﴿ قل هو الله أحد * الله الصمد * لم يلد ولم يولد * ولم يكن له كفواً أحد ﴾

2 – توحيد القصد والطلب :- ويسمى أيضاً التوحيد العملى القصدى الإرادى الطلبى . وهذا النوع من التوحيد قد بينته سورة الكافرون ﴿ قل ياأيها الكافرون * لا أعبد ما تعبدون * ولا أنتم عابدون ما أعبد * ولا أنا عابد ما عبدتم * ولا أنتم عابدون ما أعبد * لكم دينكم ولى دين ﴾

* قال الإمام النسفى ( أى مسلمون دونكم يعنى نحن المسلمون وأنتم الكافرون )
* الجمع بين التقسيمين :-
يشمل توحيد القصد والطلب على توحيد الألوهية أو توحيد العبادة ، ويشتمل توحيد الإثبات والمعرفة على توحيد الربوبية وتوحيد الأسماء والصفات

* ويشتمل توحيد العبادة أو توحيد الألوهية على ثلاثة أقسام وهم :-
1 – إفراد الله بالشعائر والنسك
2 – إفراد الله بالحاكمية
3 – إفراد الله بالولاء ..
---------------------------
*** جدول يوضح أنواع التوحيد والجمع بين تقسيماته .
















ـــــــــــ  توضيح أقسام التوحيد وشروحها  ـــــــــــ
1 – توحيد الإثبات والمعرفة والمتمثل فى توحيد ( الربوبية والأسماء والصفات ) .
توحيد الربوبية :-
هو إفراد الله بأفعاله أو توحيد الله فى أفعاله من الخلق والرزق والإحياء والإماتة وتدبير شئون الكون قال تعالى ﴿ الله الذى خلقكم ثم رزقكم ثم يميتكم ثم يحييكم هل من شركائكم من يفعل من ذلكم من شىء سبحانه وتعالى عما يشركون ﴾ ( سورة الروم 40 ) ، وقد أقر به المشركون ولم يدخلهم فى الإسلام قال تعالى ﴿ ولئن سألتهم من خلق السماوت والأرض ليقولن الله ﴾ ( سورة لقمان 25 ) ، ولم يقبله الله من المشركين لأنهم لم يأتوا بما تقتضيه من توحيد الألوهية حيث قال تبارك وتعالى ﴿ قل من رب السماوات والأرض ورب العرش العظيم سيقولون لله قل أفلا تتقون .... فأنى يؤفكون ... فأنى يصرفون ﴾ ( سورة المؤمنون 84 – 90 )

- ومعنى أفلا تتقون .... فأنى يؤفكون ... فأنى يصرفون :-
هو إنكار من الله تعالى على المشركين فى عبادتهم غيره بمعنى ما الذى صرفكم عن عبادته إلى عبادة غيره وأتيتم بالإفك العظيم وهو عبادة غيره ومنها أيضاً فأنى تسحرون يعنى ما الذى سحركم وذهب بعقولكم فعبدتم غيره مع إعترافكم له بالربوبية والخلق والرزق ، قال تعالى ﴿ قل من رب السماوات والأرض أمٌن يملك السمع والأبصار ومن يخرج الحى من الميت ومن يدبر الأمر ﴾
================
ـــــــــــ  بعض من مظاهر شرك الربوبية  ـــــــــــ
1 – الدهرية :- وهم الذين يعتقدون أن الكون ليس له آله كما حكى عنهم القرآن الكريم قال تعالى ﴿ ما هى إلا حياتنا الدنيا ﴾ ومن هؤلاء أيضاً فى عصرنا الحالى الذين يمثلون إمتداد للوجودية والتى هى شبيه بإعتقاد الدهريين حيث يعتقد الوجوديون أن الكون ليس له إله ومنهم من يقول بأن الكون وجد نتيجة لتصادم ذراته ومنهم من يقول أن الإنسان أصل الوجود وأن الحياة دورة تتكرر كل مدة من الزمن ويتخبطون كثيراً حول حقيقة الوجود .

2 – ومن مظاهر شرك الربوبية عند قريش أنهم كانوا على ضربين ( الأول يعتقد أن آلهته تدبر شئون الكون ، والثانى يعتقد أن آلهته تشارك فى تدبير شئون الكون ) .

3 – ومن مظاهر شرك الربوبية فى العصر الحديث :- الذين يلحدون ويدٌعون أنه لا إله للكون وهم دعاة الشيوعية والماركسية التى تأسست على الإلحاد فيقولون وكبرت كلمة تخرج من أفواههم ( يقولون لا إله والكون مادة .. ) تعالى الله عما يقولون علواً كبيرا ، ومن مظاهر شرك الربوبية ما يحدث من إعتقادات بعض طوائف الصوفية أن للكون أربعة أقطاب يدبرون شئونه .. تعالى الله عما يقولون هؤلاء المشركون علواً كبيراً ..
================
ـــــــــــ  تطبيق توحيد الربوبية على الواقع  ـــــــــــ
لمٌا كانت لا إله إلا الله على شطرين
- الشطر الأول :- لا إله ويعنى الكفر بالطاغوت
- الشطر الثانى :- إلا الله يعنى الإيمان بالله
-------------------------------------------
- فإن تطبيق ذلك على توحيد الربوبية بأن يكفر بطاغوت الربوبية وذلك بتكفير الطاغوت الذى إدٌعى الربوبية أو صفة من صفاتها وبأن نعتقد بطلان صرف الربوبية أو صفة من صفاتها لغير الله سبحانه وتعالى وتكفير من فعلها أى تكفير من فعل الربوبية أو صفة من صفاتها لغير الله وهذا هو الشطر الأول " لا إله " .. ونصرف كل صفات الربوبية لله وحده من الرزق والخلق والإحياء والإماتة وتدبير شئون الكون وهذا هو الشطر الثانى " إلا الله " ..
================
ـــــــــــ  توحيد الأسماء والصفات  ـــــــــــ
وهو إفراد الله تعالى بأسمائه وصفاته وذلك بأن نسميه سبحانه ونصفه بما وصف به نفسه ووصفه به رسوله صلى الله عليه وسلم دون تكييف أو تمثيل أو تشبيه أو تعطيل أو تحريف أو إلحاد أو تأويل ..

- ودليل التمثيل :- قوله تعالى ﴿ ليس كمثله شىء ﴾ ( سورة الشورى الاية 12 )

ودليل التشبيه :- قوله تعالى ﴿ وهو السميع البصير﴾ ويعنى ذلك أن نثبت لله سبحانه وتعالى الأسماء والصفات مع إعتقاد تغايرها لصفات المخلوقين وذلك بأن أقول أنه سبحانه سميع وبصير أى له سمع وبصر يليق بجلاله وليس كسمع أو بصر المخلوقين .

ودليل التعطيل :- قوله تعالى ﴿ وهو السميع البصير﴾ والتعطيل هو كمن لا يسمونه بأسماء أو يصفونه بصفاته تحت زعم التنزيه عن مشابهة المخلوقين فأرادوا أن ينزهوا فعطٌلوا .

ودليل التكييف :- قوله تعالى ﴿ الرحمن على العرش إستوى ﴾ ( سورة طه 5 ) نقول إستوى إستواء يليق بجلاله ولا نكيف بل نقول كما قال الإمام مالك رحمه الله ( الإستواء معلوم والكيف مجهول والإيمان به واجب والسؤال عنه بدعه ) .. أو كما قال أحد السلف الإستواء معلوم والكيف مجهول والإيمان به واجب والسؤال عنه بدعه .

ودليل التحريف :- قوله تعالى ﴿ يحرفون الكلم عن مواضعه ﴾ ( سورة المائدة 13 ) وذلك بأن أثبت له أسمائه وصفاته كما جاءت دون تحريف ..

ـــــــــــ  التحريف نوعان  ـــــــــــ
- تحريف لفظى :- كقول اليهود فى حطة ( حنطة )
- تحريف معنوى :- كأن أغير المعنى إلى معنى آخر غير مراد .
-----------------------------
دليل الإلحاد :- من الميل ومنه التحريف كالذين قالوا إن إسم اللات من الله ، والعزة من العزيز .

التأويل :- عدم التأويل فى أسماء الله وصفاته وذلك بأن أثبتها كما جاءت دون تأويل كما فعل أصحاب التأويل فى الإستواء وفى الصفات التى توهم التجسيم قالوا الإستواء يعنى الإستيلاء وقالوا فى الصفات التى توهم التجسيم بأن أولوا اليد بالقدرة وأمثلة وأمثال ذلك ..
================
ـــــــــــ  والخـــــــلاصة  ـــــــــــ
أن أصف الله سبحانه وتعالى بما وصف به نفسه ووصفه به رسوله وأن أسميه بما سمٌى به نفسه وأسماه به رسول الله على معنى ما قال الإمام الشافعى رحمه الله ( آمنت بما جاء عن الله على مراد الله وآمنت بما جاء عن رسول الله على مراد رسول الله) ..
================
ـــــــــــ  تطبيق توحيد الأسماء والصفات على الواقع  ـــــــــــ
- بأن أكٌفر من سمٌى نفسه بإسم من أسماء الله تعالى الذى لا يسمٌى بها غيره أو وصف بالأوصاف التى لا يوصف بها غيره سواء كان هذا الواصف لنفسه أو وصفه بها غيره وكذلك إعتقد بطلان ذلك وأكفر من فعله وهذا هو الشرط الأول لكلمة التوحيد ( لا إله ) يعنى الكفر بطاغوت الأسماء والصفات ونصرف الأسماء والصفات لله وحده دون شريك فهذا هو الشطر الثانى لكلمة التوحيد ( إلا الله ) ..
================
ـــــــــــ  توحيد الألوهية أو توحيد العبادة  ـــــــــــ
ومعناه :- توحيده فى أفعال العباد ويشتمل على ثلاثة أركان ..
الأول إفراد الله بالشعائر والنسك :- قال تعالى ( قل إن صلاتى ونسكى ومحياى ومماتى لله رب العالمين ) ( سورة الأنعام 161 ) ، وقوله تعالى ( لا تسجدوا للشمس ولا للقمر واسجدوا لله الذى خلقهن إن كنتم إياه تعبدون ) ( سورة فصلت 37 ) .

الثانى إفراد الله تعالى بالحاكمية :- قال تعالى ( إن الحكم إلا لله أمر ألا تعبدوا إلا إياه ذلك الدين القيم ) ( سورة يوسف الاية 40 ) .

الثالث إفراد الله تعالى بالولاية :- قال تعالى ( أغير الله أتخذ ولياً ) ( سورة الأنعام 14 ) وقوله ( أم إتخذوا من دون الله أولياء فالله هو الولٌى ) ( سورة الشورى 9 ) وقوله ( إنما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا ) ( سورة المائدة 55 ) وقوله ( إن وليى الله الذى نزٌل الكتاب بالحق وهو يتولى الصالحين ) ..
------------------------
ـــــــــــ  أولاً إفراد الله بالشعائر والنسك  ـــــــــــ
وجه إرتباط هذا الركن بتوحيد العبادة :-
1 – من جهة أن النسك أخص من غيرها بمعنى العبادة لأنها حق خالص لله تعالى والتوحيد إفراد الله بما لا يكون إلا لله وهذا هو أصل تقرير إفراد الله بالشعائر والنسك كركن من التوحيد .
2 – تواتر النصوص على كفر المخالف .
3 – الدخول فى معنى العبادة .
4 – لم يتأخر فى توجيه الخطاب بل هو من أول ما دعوا إليه من التوحيد ( وهو ترك عبادة الأصنام ) .

ـــــــــــ  شرح توحيد الشعائر والنسك  ـــــــــــ
يقول الله تعالى ( قل إن صلاتى ونسكى ومحياى ومماتى لله رب العالمين * لا شريك له وبذلك أمرت وأنا أول المسلمين ) ( سورة الانعام 161 ) .. وهو إفراد الله تعالى بالخوف والرجاء والإستعانة والإستغاثة والذبح والنذر والدعاء والصلاة وصرف كل أنواع العبادة لله وحده لا شريك له .

- الخوف :- قال تعالى ( فلا تخافوهم وخافونى إن كنتم مؤمنين ) ( ال عمران كما سبق)
- الرجاء :- قال تعالى ( فمن كان يرجوا لقاء ربه ) ( الكهف الاية 110 )
- الصلاة :- قال تعالى ( إن صلاتى ونسكى ) ( الانعام كما سبق )
- الذبح :- قال تعالى ( فصل لربك وانحر ) ( النصر الاية 2 )
- الدعاء :- قال تعالى ( وقال ربكم أدعونى أستجب لكم إن الذين يستكبرون عن عبادتى سيدخلون جهنم داخرون ) ( سورة غافر الاية 60 ) .

- الإستعانة :- قال تعالى ( إياك نعبد وإياك نستعين ) ( الفاتحة الاية 4 ) .

- والعبادة بسائر أنواعها :- قال تعالى ( إياك نعبد ) .. وهى تدل على إختصاص الله وحده بالعبادة لأن تقديم المفعول يدل على الحصر والقصر يعنى حصر العبادة لله وقصرها على الله وحده .

- الإستغاثة :- قال تعالى ( أمٌن يجيب المضطر إذا دعاه ) ..

================
ـــــــــــ  تطبيق إفراد الله بالشعائر والنسك فى الواقع  ـــــــــــ
تكفير كل من أدٌعى أى نوع من أنواع العبادة أو الشعائر أو النسك لنفسه . وإعتقاد بطلان صرف أى نوع من أنواع العبادة أو الشعائر والنسك لغير الله وتكفير من صرف أى نوع منها لغير الله وهذا هو الشطر الأول من التوحيد ( لا إله ) وكذلك صرف كل أنواع العبادة والشعائر والنسك لله وحده بلا شريك وهذا هو الشطر الثانى من التوحيد ( إلا الله ) ..
--------------------
ـــــــــــ  إفراد الله بالحاكمية  ـــــــــــ
وجه إرتباط هذا الركن بتوحيد العبادة :-
1 – لأنه تفسير الإسلام لأن الإسلام هو الإستسلام ولا يتحقق ذلك إلا بقول الأحكام فمن إستسلم لله ولغيره فهو مشرك ومن رد أمر الله فهو مستكبر وكلاهما كافر والإستسلام العام هو توحيد العبادة وهو الدين الذى لا يقبل الله غيره من الأولين والآخرين والنص على ذلك من وجهين لأن الإسلام هو دين الرسل جميعاً ، ومن جهة أن الإسلام هو معنى توحيد العبادة التى هى دين الرسل .

2 – إنه داخل فى معنى العبادة من حيث أن العبادة حب وخوف ورجاء وتعظيم وطاعة والشاهد هنا هو الطاعة .

3 – من جهة أنه إفراد الله بما لا يكون إلا لله ، أفغير الله أبتغى حكماً .
4 – تواتر النصوص على كفر المخالف .
5 – لا يتأخر توجيه الخطاب به بل أساس ما دعوا إليه من التوحيد وقد حدد الله سبحانه وتعالى صفات من يستحق التشريع وعليه .. فإن معنى إفراد الله بالحاكمية حدده الله لأن الله وحده هو الذى يستحق التشريع للناس .

- يقول الإمام محمد الأمين الشنقيطى :- إعلم أنه جل وعلا بيٌن فى آيات كثيرة صفات من يستحق أن يكون الحكم له فعلى كل عاقل أن يتأمل الصفات المذكورة التى سنوضهحا الآن إن شاء الله تعالى ويقابلها مع صفات البشر المشرٌعين للقوانين الوضعية فينظر هل تنطبق عليه صفات من له التشريع سبحان الله وتعالى عن ذلك فإن كانت تنطبق عليهم ولن تكون فليتبع تشريعهم وإن ظهر يقيناً أنهم أحقر وأخس وأذل وأصغر من ذلك فليقف بهم عند حدهم ولا يجاوزه بهم إلى مقام الربوبية سبحانه وتعالى أن يكون له شريك فى عبادته وحكمه أو ملكه .

* ومن الآيات القرآنية التى أوضح بها تعالى صفات من له الحكم والتشريع قوله تعالى ( وما أختلفتم فيه من شىء فحكمه إلى الله ) ( سورة الشورى 10 ) ثم قال مبيناً صفات من له الحكم ( ذلكم الله ربى عليه توكلت وإليه أنيب فاطر السماوات والأرض جعل لكم من أنفسكم أزواجاً يذرؤكم فيه ليس كمثله شىء وهو السميع البصير * له مقاليد السماوات والأرض يبسط الرزق لمن يشاء ويقدر أنه بكل شىء عليم ) ( سورة الانعام 143 ) ..

* فهل من الكفرة الفجرة المشرعين للنظم الشيطانية من يستحق أن يوصف بأنه الرب الذى تفوض إليه الأمور ويتوكل عليه وأنه فاطر السماوات والأرض أى خالقها ومخترعها على غير مثال سابق وأنه هو الذى خلق البشر أزواجاً وخلق لهم أزواج الأنعام الثمانية المذكورة فى قوله تعالى ( ثمانية أزواجاً من الضأن أثنين ) ( سورة الشورى الاية 11 ) وأنه ليس كمثله شىء وهو السميع البصير وأنه له مقاليد السماوات والأرض وأنه هو الذى يبسط الرزق لمن يشاء ويقدر أى يضيقه على من يشاء وهو بكل شىء عليم ..

* فعليكم أيها المسلمون أن تتفهموا صفات من يستحق أن يشرٌع ويحلل ويحرم ولا تقبلوا تشريعاً من كافرً خسيس فقير جاهل ثم يقول ومن الآيات الدالة على ذلك فى قوله تعالى ( له غيب السماوات والأرض أبصر به وأسمع ما لهم من دونه من ولى ولا يشرك فى حكمه أحداُ ) ( سورة الكهف الاية 26 ) .. فهل فى الكفرة الفجرة المشرعين من يستحق أن يوصف بأن له غيب السماوات والأرض وأن يبالغ فى سمعه وبصره لإحاطة سمعه بكل المسموعات وبصره بكل المبصرات وأنه ليس لأحد دونه من ولى سبحانه وتعالى عن ذلك علواً كبيراً ومن الآيات الدالة على ذلك قوله تعالى ( ولا تدع من دون الله إلهاً آخر لا إله إلا هو كل شىء هالك إلا وجهه له الحكم وإليه ترجعون ) ( القصص الاية 88 ) .

* فهل فى الكفرة الفجرة المشرعين من يستحق أن يوصف بأنه الإله الواحد وأن كل شىء هالك إلا وجهه ، وأن الخلائق يرجعون إليه . تبارك ربنا وتعاظم وتقدس أن يوصف أخس خلقه بصفاته ومن الآيات الدالة على ذلك قوله تعالى ( ذلكم بأنه إذا دعى الله وحده كفرتم وإن يشرك به تؤمنوا فالحكم لله العلى الكبير ) ..

* فهل فى الكفرة الفجرة المشرعين للنظم الشيطانية من يستحق أن يوصف فى أعظم كتاب سماوى بأنه العلى الكبير سبحانك ربنا وتعاليت من كل ما لا يليق بكمالك وجلالك ومن الآيات الدالة على ذلك قوله تعالى ( هو الله لا إله إلا هو له الحمد فى الأولى والآخرة وله الحكم وإليه ترجعون ، قل أرأيتم إن جعل الله عليكم الليل سرمداً إلى يوم القيامة من إله غير الله يأتيكم بضياء أفلا تسمعون ، قل أرأيتم إن جعل الله عليكم النهار سرمداً إلى يوم القيامة من إله غير الله يأتيكم بليل تسكنون فيه أفلا تبصرون ، ومن رحمته جعل لكم الليل والنهار لتسكنوا فيه ولتبتغوا من فضله ولعلكم تشكرون ) ( سورة القصص 70 : 73 )

- فهل فى مشرعى القوانين الوضعية من يستحق أن يوصف بأن له الحمد فى الأولى والآخرة وأنه هو الذى يصرٌف الليل والنهار مبيناً بذلك كمال قدرته وعظمة إنعامه على خلقه سبحانه وتعالى خالق السماوات والأرض جل وعلا أن يكون له شريك فى حكمه أو فى عبادته أو فى ملكه .. ومن الآيات الداله على ذلك قوله تعالى ( إن الحكم إلا لله أمر ألا تعبدوا إلا إياه ذلك الدين القيم ولكن أكثر الناس لا يعلمون ) ( سورة يوسف الاية 40 ) ..

- فهل فى أولئك من يستحق أن يوصف بأنه هو الإله المعبود وحده وأن عبادته هى الدين القيم سبحان الله وتعالى عما يقولون علواً كبيراً ، ومنها قوله تعالى ( إن الحكم إلا لله عليه توكلت وعليه فليتوكل المتوكلون ) ( سورة يوسف الاية 67 ) ..

- فهل فيهم من يستحق أن يتوكل عليه وتفوض الأمور إليه ؟ ومنها قوله تعالى ( وأن أحكم بينهم بما أنزل الله ولا تتبع أهواءهم وأحذرهم أن يفتنوك عن بعض ما أنزل الله إليك فإن تولوا فاعلم أنما يريد الله أن يصيبهم ببعض ذنوبهم وإن كثيراً من الناس لفاسقون ، أفحكم الجاهلية يبغون ومن أحسن من الله حكماً لقوم يوقنون ) ( سورة المائدة 49-50 )..

- فهل فى أولئك المشرعين من يستحق أن يوصف بأن حكمه بما أنزل الله وأنه مخالف لإتباع الهوى وأن من تولى أصابه الله ببعض ذنوبه ؟ لأن الذنوب لا يؤاخذ بجميعها إلا فى الآخرة ، وأنه لا حكم أحسن من حكمه لقوم يوقنون ، سبحان ربنا وتعالى عن كل ما لا يليق بكماله وجلاله ومنها قوله تعالى ( أفغير الله أبتغى حكماً وهو الذى أنزل إليكم الكتاب مفصلاً والذين آتيناهم الكتاب يعلمون أنه منٌزل من ربك بالحق فلا تكونن من الممترين ، وتمت كلمة ربك صدقاً وعدلاً ) ( سورة الانعام 114 )..

- فهل فى أولئك المذكورين من يستحق أن يوصف بأنه هو الذى أنزل هذا الكتاب مفصلاً الذى يشهد أهل الكتاب أنه منزٌل من ربك بالحق وبأنه تمت كلماته صدقاً وعدلاً أى صدق فى الأخبار وعدلاً فى الأحكام وأنه لا مبدٌل لكلماته وهو السميع العليم . سبحانه ربنا ما أعظمه وما أجل شأنه ، ومنها قوله تعالى ( قل أرأيتم ما أنزل الله لكم من رزق فجعلتم منه حلالاً وحراماً قل ءالله أذن لكم أم على الله تفترون ) ( سورة يونس 59 ) ..

- فهل فى أولئك المذكورين من يستحق أن يوصف بأنه هو الذى ينزٌل الرزق للخلائق ؟ وأنه لا يمكن أن يكون تحليل ولا تحريم إلا بإذنه ؟ ..

لابد من الضرورى أن من خلق الرزق وأنزله هو الذى له التصرف فيه بالتحليل والتحريم سبحانه جل وعلا أن يكون له شريك فى التحليل والتحريم وهكذا يظهر إرتباط هذا الركن بتوحيد العبادة ويظهر أيضاً أنه ليس لأحد حق التشريع إلا الله فمن أعطى لنفسه الحق فى إيجاد منهج الحياة أو التشريع للناس فقد أشرك وكفر بالله وأتخذ إلهه هواه حتى ولو إدٌعى الإيمان بالله ورسوله صلى الله عليه وسلم لأنه يكون قد أعطى لنفسه حقاً لا يجوز إلا لله وهو حق الحكم على العباد فكل من وضع نفسه من الأمة موضع المشرٌع فقد نصٌب نفسه إلهاً على الناس وكل من تبعه من الناس فقد عبده من دون الله وبالتالى فليس لأحد فرد أو أسرة أو طبقة أو حزب أو مجموعة أو لسائر الخلق أى نصيب من الحاكمية فإن الحكم الحقيقى هو لله والحاكم الحقيقى هو الله والسلطة الحقيقية مختصة بذاته تعالى وحده فليس لأحد من دون الله شىء من أمر التشريع والمسلمون جميعاً لا يستطيعون أن يشرٌعوا قانوناً ولا يقدرون أن يغيروا شيئاً مما شرعه الله لهم ..

- والدولة الإسلامية هى التى يؤسس بنيانها على القانون المشرع الذى جاء به النبى صلى الله عليه وسلم من عند ربه مهما تغيرت الظروف والأحوال والحكومات التى بيدها زمام هذه الدولة فهى لا تستحق طاعة الناس إلا من حيث أنها تحكم بما أنزل الله وتنفذ أمره تعالى فى خلقه ومن هنا تأخذ الحكومات شرعيتها ..
----------------------------
ـــــــــــ  توضيح إفراد الله بالحاكمية  ـــــــــــ
- لما علمنا أن الحاكمية لله وحده وأن الله وحده هو الحكم وهو سبحانه وتعالى الذى يستحق أن يشرٌع للناس فإن إفراده بالحاكمية حق خالص له ولابد أن يعتقد المسلم إعتقاداً جازماً أنه لا مشرٌع لحياة الناس إلا الله وحده ولا يحكم بين الناس فى صغيرة أو كبيرة إلا الله وحده يقول تعالى ( فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكٌمونك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا فى أنفسهم حرجاً مما قضيت ويسلموا تسليما ) ( سورة النساء 65 ) ، ويقول تعالى ( فإن تنازعتم فى شىء فردوه إلى الله والرسول إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر ) ( سورة النساء 59 ) .. ويقول سبحانه ( ألم تر إلى الذين يزعمون أنهم آمنوا بما أنزل إليك وما أنزل من قبلك يريدون أن يتحاكموا إلى الطاغوت وقد أمروا أن يكفروا به ) ( سورة النساء 60 ) ..

ويقول سبحانه وتعالى ( إنما كان قول المؤمنين إذا دعوا إلى الله ورسوله أن يقولوا سمعنا وأطعنا ) ( سورة النور الاية 51 ) .. وقوله سبحانه ( وما أختلفتم فيه من شىء فحكمه إلى الله ) ( سورة الشورى ) .. ويقول سبحانه ( ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون .. فأولئك هم الظالمون .. فأولئك هم الفاسقون ) ( سورة المائدة الايات 44-45-47 )

فالحكم لله وحده وعلى المسلم ألا يحكم إلا لله وحده فى كل صغيرة ولا كبيرة لأن هذا كما بينٌا من التوحيد الذى هو حق الله على العباد وعلى المسلم أن يعتقد إعتقاداً جازماً أن أى حكم غير حكم الله فهو ظلم وفسق وكفر وأن العدل الحقيقى هو حكم الله وهذا هو العدل عند المسلمين أن يحكمهم الله وحده وألا يحكٌمون فى شئون حياتهم إلا الله وحده
----------------------------
ـــــــــــ  الشبهات التى تثار حول الحاكمية  ـــــــــــ
من الشبهات التى تعلق بها من لا يفهمون لمن يكون الحكم والتشريع فى حياة الناس ومن هذه الشبهات :-

قولهم :- أن ابن عباس فسٌر أية سورة المائدة بأن كفر الحكام ليس كفراً أكبر ولكنه كفراً أصغر حيث قال ليس بالكفر الذى تذهبون إليه وقد نقل هذا المعنى عن ابن عباس وغيره مثل طاووس وأبى مجلز وأحمد بن حنبل والنقل عن ابن عباس وغيره فى ذلك صحيح ولكن السؤال الذى ينبغى أن يدركه المتكلمون فى هذا الأمر جوابه الصحيح :-

- فى حق من تقال هذه الكلمة ؟
- هل تقال هذه الكلمة فى حق كل أحد حكم بغير ما أنزل الله ؟ بغير ضوابط ولا قيد ؟
- أو هل تقال فى حق حكام لم يقبلوا شرع الله كله أو بعضه ؟
- أو هل تقال فى حق من بدٌل شرع الله كله أو بعضه ؟
- أو هل تقال فى حق من آثر على شرع الله شرعاً آخر ؟
- أو هل تقال فى حق من طرح شرع الله كله أو بعضه وراء ظهره وأتى بقانون وضعى قدٌمه على شرع الله وأنزله منزلة أعلى مما نزل بها شرع الله ؟

- أو هل تقال فى حق من جعل التحاكم عند التنازع إلى ما وضعه البشر بعقولهم وأهوائهم ولم يجعله إلى شرع الله ؟

- وهل كان فى زمن ابن عباس رضى الله عنهما وغيره من العلماء من فعل ذلك من الحكام أو قريباً منه حتى يمكن أن يحمل حامل كلامهم عليه ؟

ـــــــــــ والجــــــــــــواب  ـــــــــــ
- الذى لا جواب غيره أنه لم يكن ذلك أبداً وأن الثابت تاريخياً أنه لم يحدث منذ عصر الصحابة رضوان الله عليهم حتى مجىء التتار وإستيلائهم على ديار الإسلام أن وجد حاكم سن تشريعاً أو قانوناً مناقضاً لشرع الله وأعلنه شرعاً متبعاً عاماً يحكم به بين الناس . وأول ما حدث هذ حدث بعد إستيلاء التتار على بلاد المسلمين وأعلنوا الياسا أو الياسق شرعاً عاماً يحكم به بين الناس وقد أنبرى العلماء فى عصرهم وحكموا بكفر من فعل ذلك بل وإجمع على كفر من فعل ذلك ومن هؤلاء الحافظ ابن كثير ..

والقصة الحقيقية :- لما ورد عن ابن عباس وغيره تعود إلى وجود مخالفات ومعاصى كانت تصدر حيناً من أفراد الرعية وحيناً آخر من الحكام والولاة والأمراء وكان منهج الخوارج أن مرتكب الكبيرة كافر فإذا رأوا أحداً جار فى حكمه أو ظلم حكموا بكفره إنطلاقاً من فهمهم لقوله تعالى ( ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون ) .. ولم يفرقوا بين من جار فى الحكم وهو فى الأصل يحكم بما أنزل الله وبين من لا يحكٌم شرع الله ..

- ومن هنا إنطلق أهل العلم من الصحابة والتابعين ليبينوا للخوارج ولمن سلك سبيلهم أن الحكام فى عصرهم ليسوا كافرين الكفر الأكبر الذى يخرج من الملة لأنهم قبلوا ما جاء من الله ورسوله وقبلوا أحكام الله ورسوله وكان القضاء العام عندهم تبعاً لشريعة الله وإن كانوا يعصون الله فى بعض وقائع الأعيان من غير أن يمثل ذلك تشريعاً عاماً مغايراً لشرع الله وهم مع ذلك معترفون بخطئهم وتقصيرهم .. وقد كانت فتوى من العلماء فى ذلك العصر حاولوا تطبيقها على واقعهم ومن هنا لابد أن نعلم الفرق بين الفتوى والحكم ..
ـــــــــــ  الفرق بين الفتوى والحكم  ـــــــــــ
1 – الحكم ثابت لا يتغير بتغير الزمان أما الفتوى فهى تتغير بتغير الزمان والواقع ..
* وقد قال الشاطبى كلاماً ما معناه أن الأحكام الشرعية تقوم على أساسين وأصلين :-
- الأول :- العلم بالدليل
- الثانى :- العلم بالواقع المخاطب

- وتوضيحاً لما سبق نقول :- الحكم بين الناس فى كل زمان ومكان يكون حق لله خالصاً لا ينازعه فيه أحد كائناً من كان .. وأمٌا تطبيق الحكم على الواقع فهناك بعض الأحكام الشرعية التى تحتاج فيها إلى العلم بالواقع المخاطب ومن هذا القبيل كانت فتوى ابن عباس وغيره فى حكام بنى أمية لأن واقعهم كان المرجع لجميع الناس فيه هو شريعة الله وكان الحكم فيه بما أنزل الله ..

2 – من الشبهات التى أنتشرت أيضاً قول من قالوا أن آيات الحاكمية فى المائدة نزلت فى اليهود .. والرد على هذه الشبهه يكون بالوقوف على أقوال السلف الذين سُئلوا عن ذلك ومنهم .. لما سئل حذيفة ابن اليمان عن ذلك قال نعم الأخوة بنى إسرائيل إن كان لهم كل مرة ولكم كل حلوة ، وقال أحد السلف أيضاً هى فى بنى إسرائيل ونحن المسلمون بها أولى ، ورداً على ذلك فإن القاعدة الأصولية تقول :-

* ليست العبرة بخصوص السبب ولكن العبرة بعموم اللفظ * يعنى إذا كانت نزلت فى بنى اسرائيل فهى لا تخصهم وحدهم ولكنه حكم عام إلى يوم القيامة فى بنى إسرائيل وكل من حذا حذوهم من المسلمين أو غيرهم .. ولو قسنا واقعنا المعاصر بواقع بنى إسرائيل الذين نزلت فيهم الآيات لوجدنا واقعنا أشد خروجاً على شريعة الله من واقع بنى إسرائيل فما فعله بنى إسرائيل هو أنهم غيروا عقوبة الزنا فجعلوها الجلد والتحميم بدلاً من الرجم وقالوا إذهبوا إلى سيدنا محمد وذلك عندما زنا رجل وأمرأة يهوديين فقال إن قال بالجلد والتحميم فخذوه ولم تؤتوه فاحذروا وذلك فى قوله تعالى ( فإن أوتيتم هذا فخذوه وإن لم تؤتوه فاحذروا ) ..

- ولو نظرنا فى واقعنا لوجدنا كما قلنا أشد خروجاً من ذلك فإن القانون الوضعى يبيح الزنا ولم يحرمه إلا بشروط منها أن يكون بالإكراه وليس بالتراضى ومثل أن تكون الفتاه غير بالغة حداً معيناً من السن وغير ذلك فهو مباح . أليس هذا تحليلاً واضحاً للحرام وهناك نوع من التحليل للحرام أو تحريم الحلال يسمى العدول والتعديل .

- والعدول :- هو الإستعاضة عن شريعة الله بغيرها كالذين يتركون أحكام الشريعة ويحكمون بالقانون الوضعى سواء فى كل الأحكام أو فى بعضها .

- أما التعديل :- فهو التعديل فى الأحكام الشرعية وهو نوعان ( إما تعديل فى الحكم نفسه وهذا قرين العدول ، وإما تعديل فى العقوبة وهو كأن يوافق الشريعة فى التحريم ولكن يغير العقوبة ) ومن أمثلة ذلك فى حالات الإكراه فى الزنا وفى حالة الفتاه التى لم تبلغ سن معين ( هذان الحالتان تحرم فيها القوانين الوضعية الزنا تخالف عقوبة الشريعة وتعدلها من الجلد أوالرجم إلى السجن مثلاً )

* وكان من العدول والتعديل تغيير حكم الله وقد حكم الله على بنى إسرائيل بالكفر والظلم والفسق الأكبر لتعديلهم فى العقوبة ولا شك أن واقعنا المعاصر أشد جرماً من بنى إسرائيل وبالتالى حكام زماننا أشد كفراً وجرماً من بنى إسرائيل وهم أولى بالكفر والظلم والفسق الأكبر منهم ..
----------------------------
ـــــــــــ  حكم دخول البرلمانات الجاهلية  ـــــــــــ
يظن بعض الناس فى زماننا أن دخول البرلمانات الجاهلية قد تتيح للمسلمين الحكم بما أنزل الله وهذا خطأ عظيم من وجوه :-
----------------------------------
1 – شريعة الله حاكمة وليست محكوم عليها :- يقول الله تعالى ( وأنزلنا إليك الكتاب بالحق مصدقاً لما بين يديه من الكتاب ومهيمنا عليه ) ( سورة المائدة 48 ) .. فكتاب الله شريعة مهيمنة ومجلس الشعب والبرلمانت تجعل شريعة الله محكوم عليها .

2 – شريعة الله شاملة :- يقول الله تعالى ( إن الله لا يغفر أن يشرك به ) ( سورة النساء 48 ) وقوله تعالى ( ولا يشرك فى حكمه أحداً ) ( سورة الكهف 26 ) وقوله تعالى ( أفحكم الجاهلية يبغون ومن أحسن من اللخ حكماً لقوم يوقنون ) ( سورة المائدة 50 ) .

- ويقول ابن كثير فى تفسير هذه الاية الكريمة :- ينكر الله تعالى على كل من خرج عن حكم الله المحكم والمشتمل على كل خير الناهى عن كل شر إلى ما سواه من الآراء والأهواء والإصطلاحات التى وضعها الرجال بلا مستند من شريعة الله كما كان أهل الجاهلية يحكمون به من الضلالات والجهالات مما يضعونها بآرائهم وأهوائهم وكما كان يحكم به التتار من السياسات الملكية المأخوذة عن ملكهم جنكيزخان الذى وضع لهم الياسق ( وهو عبارة عن كتاب مجموع من أحكام قد أقتبسها من شرائع شتى من اليهودية والنصرانية والملة الإسلامية وغيرها وفيها كثير من الأحكام أحذها من مجرد هواه فصارت فى بنيه شرعاً متبعاً يقدمونه على الحكم بكتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم فمن فعل ذلك منهم فهو كافر يجب قتاله حتى يرجع إلى حكم الله ورسوله فلا يحٌكم سواه فى قليل ولا كثير )

- فانظر إلى قول الإمام ابن كثير رحمه الله ( فلا يحٌكم سواه فى قليل ولا كثير فشريعة الله كاملة شاملة والبرلمانات تجعلها ناقصة قاصرة تشتمل على بعض الأحكام دون البعض ) ..

3 – شريعة الله لا تقبل التجزئة :- يقول الله تعالى ( أفتؤمنون ببعض الكتاب وتكفرون ببعض فما جزاء من يفعل ذلك منكم إلا خزى فى الحياة الدنيا ويوم القيامة يردون إلى أشد العذاب وما الله بغافل عماٌ تعملون ) ( سورة البقرة 85 ) .. فشريعة الله لا تتجزأ ومن آمن بجزء وكفر بالآخر فهو كافر والبرلمانات تجزىء شريعة الله ..

4 – البرلمانات تقام على فكرة الديموقراطية وفكرة الديموقراطية هذه تتعارض مع شريعة الله كلياً أو جزئياً لأن شريعة الله تجعل الحكم لله وحده بلا شريك وأما الديموقراطية تجعل الحكم للبشر وتقول الشعب يحكم نفسه بنفسه ..
----------------------------
ـــــــــــ  حكم من تحاكم إلى غير شريعة الله  ـــــــــــ
- من تحاكم إلى غير شريعة الله فقد آمن بالطاغوت ومن آمن بالطاغوت فقد كفر بالله يقول الله تعالى ( ألم تر إلى الذين يزعمون أنهم آمنوا بما أنزل إليك وما أنزل من قبلك يريدون أن يتحاكموا إلى الطاغوت وقد أمروا أن يكفروا به ) ( سورة النساء )..

- يقول الشيخ محمد بن عبد الوهاب :- ما آمن بالله من لم يكفر بالطاغوت والتحاكم إلى غير شريعة الله إيمان بالطاغوت كما نصت الأية السابقة . يقول تعالى ( فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ) ، ويقول تعالى ( أفحكم الجاهلية يبغون ومن أحسن من الله حكماً لقوم يوقنون )..

- والمتحاكم إلى شريعة غير شريعة الله كافر بالربوبية لآنه أعطى خاصية من خصائص الربوبية لغير الله وهى خاصية الحكم والتشريع . والمتحاكم إلى شريعة غير شريعة كافر بالأسماء والصفات لأن من أسماء الله الحكم ، والحكم يعنى الحاكم بالعدل ومن تحاكم إلى غير شريعة الله كافر بالألوهية حيث أن الحاكمية ركن من أركان الألوهية والتى نحن بصدد الحديث عنها .

- يقول الأمام الشنقيطى :- بعد أن ذكر بعض آيات الحاكمية ويفهم من هذه الآيات كقوله ( ولا يشرك فى حكمه أحداًُ ) أن متبعى أحكام المشرعين غير ما شرٌعه الله أنهم مشركون بالله ، ويقول أيضاً :- إن الذين يتبعون القوانين الوضعية التى شرٌعها الشيطان على لسان أوليائه مخالفة لما شرعٌه الله عزوجل على لسان رسله صلى الله عليهم وسلم أنه لا يشك فى كفرهم وشركهم إلا من طمس الله بصيرته وأعماه عن نور الوحى مثلهم ..

- ويقول أبن كثير :- فى قوله تعالى ( وما أختلفتم من شىء فحكمه إلى الله ) .. فما حكم به فى كتاب الله وسنة رسوله فهو الحق وماذا بعد الحق إلا الضلال . ولهذا قال الله تعالى ( إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر ) . فدل على أن من لم يتحاكم إلى كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم ولم يرجع إليهما فى ذلك فليس مؤمناً بالله واليوم الآخر .
- ويقول ابن كثير :- فمن ترك التشريع المحكم المنزل على محمد بن عبد الله خاتم الأنبياء وتحاكم إلى غيره من الشرائع المنسوخة فقد كفر ، فكيف بمن تحاكم إلى الياسا وهو الياسق وقدمها عليها لا شك أن هذا يكفر بإجماع المسلمين .. وتأكيداً لما سبق أن قلنا أن التحاكم إلى الطاغوت إيماناً به ونذكر ما قاله ابن كثير فى تفسير قوله تعالى ( ألم تر إلى الذين يزعمون أنهم آمنوا بما أنزل إليك وما أنزل إلى الذين من قبلك يريدون أن يتحاكموا إلى الطاغوت وقد أمروا أن يكفروا به ) ..

- يقول ابن كثير :- وهذا إنكار من الله عزوجل على من يدٌعى الإيمان بما أنزل الله على رسوله وعلى الأنبياء الأقدمين وهو مع ذلك يريد أن يتحاكم فى فصل الخصومات إلى غير كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم كما ذكر فى سبب نزول هذه الآية أنها نزلت فى رجل من الأنصار ورجل من اليهود تخاصما فجعل اليهودى يقول بينى وبينكم محمد وذلك يقول بينى وبينكم كعب بن الأشرف .

- وقيل نزلت فى جماعة من المنافقين ممن أظهروا الإسلام وأرادوا أن يتحاكموا إلى حكام الجاهلية وقيل غير ذلك والآية أعم من ذلك كله فإنها ذامة لمن عدل عن الكتاب والسنة وتحاكموا إلى ما سواهما من الباطل وهو المراد بالطاغوت هنا ولهذا قال سبحانه ( يريدون أن يتحاكموا إلى الطاغوت ) إلى آخرها ، وقوله ( ويصدون عنك صدوداً ) أى يعرضون عنك إعراضاً كالمستكبرين عن ذلك كما قال تعالى عن المشركين ( وإذا قيل لهم اتبعوا ما أنزل الله قالوا بل نتبع ما وجدنا عليه آبائنا ) ( سورة لقمان 21 ) ، وهؤلاء بخلاف المؤمنين الذين قال الله فيهم ( إنما كان قول المؤمنين إذا دعوا إلى الله ورسوله ليحكم بينهم أن يقولوا سمعنا وأطعنا ) ..
----------------------------
ـــــــــــ  التحاكم وأركانه  ـــــــــــ
عرٌف العلماء التحاكم فقالوا ( هو طلب حكم فى نزاع أو هو طلب حكم لفض نزاع ) قال تعالى ( فإن تنازعتم فى شىء فردوه غلى الله ) وقال أيضاً ( فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكٌموك فيما شجر بينهم ) ..

ـــــــــــ  أركان التحاكم  ـــــــــــ
- ومن الآيات السابقة وأمثالها تعرف أركان التحاكم وقد مر تفسير العلماء كابن كثير والقرطبى وغيرهما وقد أشاروا رحمهم الله إلى أركان التحاكم .. وذكر صاحب حد الإسلام أركان التحاكم فى باب نفى الحكم عن غير الله وهو يفٌرق بين قبول الأحكام والدخول فى الأعمال وبين الطاعة فى تشريع والطاعة فى معصية فقال فى معرض حديثه ويقول الله عزوجل ( إن الحكم إلا لله أمر ألا تعبدوا إلا إياه ذلك الدين القيم ) ..

* والحكم فى إصطلاح الشرع كما يقول العلماء هو :- خطاب الشارع إلى المكلفين بالإقتضاء ( أمر ونهى بقسميهما ) والتخيير ( الإباحة ) ، والوضع ( سبب وشرط ومانع وأحكام الصحة والبطلان والرخص ) .

- فهذه ثلاثة عناصر وهو ( خطاب – شريعة – شارع – مكلفون ) فعندما يوجد هذه العناصر :- شريعة أو تكليف أو حكم وكلها عبارات مترادفة لمعنى واحد مكلفون أو مخاطبون بالتشريع داخلين تحت أحكامه فينظر إلى الشارع أو المكلف قبل النظر إلى الشريعة أو التكليف فإذا كان الشارع هو الله سبحانه وتعالى فالتكليف هو النص وما حمٌل عليه بطريقة الإجتهاد أو عُرف أكتسب شريعة بإعتبار الشارع مصدراً له فى بعض المسائل وليس من تواضع الناس عليه ، ويكون التكليف من الله عزوجل وحده أو بعبارة أخرى أن يكون مكلفاً لله وحده وهو معنى إلتزام شرائعه سبحانه وتعالى وهو معنى عبادته وحده دون شريك كأصل الدين ..

- وإذا كان الشارع أو المكلف أو الحاكم غير الله عزوجل فلا يهم أن يكون الشريعة مخالفة أو موافقة لشريعة الله أو أن تحتوى على بعض نصوص شريعته سبحانه وتعالى لأن شريعته عزوجل فى هذه الحالة لم تكتسب شرعيتها كقانون إلا بصدورها عن هذا الشارع تعبيراً عن إرادته .. وقد بيٌن صاحب الحد عناصر الحكم وإن المصدر إن لم يكن من الشارع الحكيم فهو مردود ومن ذلك نعلم أنه لا إعتبار لما وافق الشريعة الإسلامية فى القانون الوضعى لأنها أستمدت ( أعنى هذه الأحكام ) أستمدت سلطانها من سلطان البشر وليس من سلطان الله .. وبالتالى فالتحاكم إليها أو الحكم بها هو تحاكم إلى الطاغوت ..

- ومن العناصر أيضاً نعلم أن أركان التحاكم هى :-
1 – شريعة
2 – طرفى نزاع
3 – حاكم أو قاضى يقضى
-------------------------
- فإذا إكتملت هذه الأركان بأن تكون الشريعة هى شريعة الله تستمد سلطانها من سلطان الله وليس من سلطلن البشر وكما سبق أن قلنا ( فلا إعتبار لما وافق الشرع فى القانون الوضعى ) وكان الحاكم أو القاضى مسلم وطلب الطرفان الحكم بشريعة الله التى تستمد سلطانها من الله وكان ذلك عن تسليم ورضا قلبى بإكتمال هذه العناصر أو الأركان نستطيع أن نقول أن هذه الشجار والنزاع حكمت فيه شريعة الله ( ثم لا يجدوا فى أنفسهم حرجاً مما قضيت ويسلموا تسليماً ) وقد سبق كلام العلماء فى هذه الآية ..

ومما سبق نعلم :- لا يجوز أن يحكم كافر بشريعة الله بين الناس وبزعم زاعم أنه قد حكم بشريعته لأنه كما قال علماء الإسلام ( من لا يؤمن بهذه الشريعة لا يحسن القضاء بها ) ، وقد تعرٌض العلماء لذلك فى واقع الهند يوم أن كانت مستعمرة إنجليزياً وكان سكانها فى ذلك الوقت مسلمون ...
----------------------------
ـــــــــــ  رد المظالم  ـــــــــــ
- والعمدة فى رد المظالم ( حلف الفضول ) وقد روى ابن هشام فى السيرة عن حلف الفضول فقال :- تداعت قبائل من قريش إلى حلف فاجتمعوا له فى دار ابن جدعان لشرفه وسنه فكان حلفهم عنده فتعاقدوا وتعاهدوا على ألا يجدوا فى مكة مظلوماً من أهلها وغيرهم ممن داخلها من سائر الناس إلا قاموا معه فسمت قريش هذا الحلف بحلف الفضول ..

- قال الإمام السهيلى :- ( وكان حلف الفضول هذا قبل البعثة بعشرين سنة وكان أكرم حلف وأشرفه وأول من تكلم به ودعا إليه الزبير بن عبد المطلب ) ، وقد ذكر ابن هشام أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال " لقد شهدت فى دار عبد الله ابن جدعان حلف ما أحب أن يكون لى به حمر النعم ولو أدعى به فى الإسلام لأجبت " .

- وقد تحدث الأمام الماوردى فى الأحكام السلطانية عن المظالم وردها فى باب ولاية المظالم فقال ( ونظر المظالم هو قود المتظالمين إلى التناصف بالرهبة وزجر المتنازعين عن التجاحد بالهيبة ثم ذكر شروط الناظر فى المظالم ، ثم قال ولم ينتدب للمظالم من الخلفاء الأربعة أحد لأنهم فى الصدر الأول مع ظهور الدين عليهم بين من يقوده التناصف إلى الحق أو يزجره الوعظ عن الظلم .

وإنما كانت المنازعات تجرى بينهم فى أمور مشتبهة يوضحها حكام القضاء فإن تجور من حفاه أعرابهم فتجور ثناه الوعظ أن يدبر وقاده العنف أن يحسن فاقتصر خلفاء السلف على فصل التشاجر بينهم بالحكم والقضاء تعيناً للحق فى جهته لإنقيادهم إلى إلتزامه وإحتاج على رضى الله عنه حين تأخرت أمامته وأختلط الناس فيها وتجوروا إلى فصل حرامه فى السياسة وزيادة تيقظ فى الوصول إلى غوامض الأحكام أول من سلك هذه الطريقة واستقل بها ولم يخرج فيها إلى نظر المظالم المحض لإستغنائه عنه إلى أن قال فكان أول من للظلامات يوماً يتصفح فيه قصص المتظلٌمين من غير مباشرة للنظر عبد الملك ابن مروان فكان إذا وقف منها على مُشكل إحتاج فيها إلى حكم منفد رده إلى قاضيه إدريس الأودى فنفذ فيه أحكامه لرهبة التجارب من عبد الملك ابن مروان فى علمه بالحال ووقوفه على السبب فكان ابو إدريس هو المباشر وعبد الملك هو الآمر ثم زاد من جود الولاة وظلم العتاة ما لم يطفهم عنه إلا أقوى الأيدى وأنفذ الأوامر فكان عمر بن عبد العزيز رحمه الله أول من ندب نفسه للنظر فى المظالم فسردها وراعى السُنن العادلة وأعادها ورد مظالم بنى أمية على أهلها حتى قيل له وقد أشتد عليهم فيها وأغلظ إنٌا نخاف عليك من ردها العواقب غفال كل يوم أتقيه وأخافه دون يوم القيامة لا وقتية .

- ثم جلس لها من خلفاء بنى العباس جماعة فكان أول من جلس لها المهدى حتى عادت الأملاك إلى مستحقيها وقد كان ملوك الفرس يرون ذلك من قواعد الملك وقوانين العدل الذى لا يعم الصلاح إلا بمراعاته ولا يتم التناصف إلا بمباشرته وكانت قريش فى الجاهلية حين كثر فيهم الزعماء وأنتشرت فيهم الرياسة وشاهدوا من التغالب والتجاذب ما لم يكفهم عنه سلطان عقدوا حلفاً على رد المظالم وإنصاف المظلوم على الظالم ..

- ويقد بذلك حلف الفضول وذكر سببه ثم ذكره ولعله واضح تمام الوضوح من حلف الفضول ومما ذكره الماوردى أن رد المظالم هو مبدأ إسلامى حيث كان حكام الإسلام المسلمون كما ذكر الماوردى يجعلون ذلك لرد الحقوق إلى أهلها وهذا ما فعلته قريش فى حلف الفضول الذى حضره النبى صلى الله عليه وسلم فى الجاهلية وأقره فى الإسلام منهل يقاس هذا على حال من يرفع قضية فى المحاكم الجاهلية يطلب تعويض ويزعم أن هذا رد المظالم وهذا بالطبع باطل ولا يصح ومن فعل ذلك فهو متحاكم إلى الطاغوت والذى يجوز هو أن يكون لك حقاً معلوماً محدداً سلفاً فتطالب به وليس أن تطلب تعويضاً عما أصابك من قانون وضعى تستمد سلطانه من البشر ..

ولابد أن نعلم أن رد المظالم عند حكام المسلمين كان مبنى على حكم شريعة الإسلام والتى تحث على رد الحقوق إلى أهلها وكما قلنا إن جاز لنا أن نقيس رد المظالم فى شريعة الإسلام بأن نأخذ منها جواز طلب حقنا المعلوم من الحكام الحاكمين بغير ما أنزل الله إن جاز لنا ذلك فبأن يكون لنا حقاً معلوماً فنطالب برده إلينا أمٌا غير ذلك فلا يجوز لنا بحال من الأحوال ولا يجوز لأى إنسان أن يسمى رفع قضايا التعويض رد مظالم وقد وضح لنا كيف كانت أو كيف تكون فى شريعة الأسلام وهذه هى رد المظالم التى عرفها تاريخ الإسلام .. فهل فيها طلب حكم من قانون وضعى غير إسلامى ؟
----------------------------
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
ابوحفص
مسلم جديد
مسلم جديد



ذكر عدد الرسائل : 4
العمر : 57
علم بلدك :  العقد الفريد في التوحيد Flag_comoros
تاريخ التسجيل : 17/09/2011

 العقد الفريد في التوحيد Empty
مُساهمةموضوع: رد: العقد الفريد في التوحيد    العقد الفريد في التوحيد Emptyالسبت سبتمبر 17, 2011 8:42 am

تابع الموضوع

ـــــــــــ  التظٌــــــــــــــلم  ـــــــــــ
- من الأمور التى تختلط على بعض الناس بحسن نية أو بسوء نية من رفع التظلم للمطالبة بالإفراج عن نفسه أو عن غيره ويقولون لو قلنا أن رد المظالم ( ويقصد بذلك رفع قضايا بالتعويض وقد بينٌا أنها ليست رد مظالم بالمعنى الشرعى ) تحاكم فإن التظالم تحاكم وهذا لا شك خلط بين أمرين مختلفين كلياً أو جزئياً وهذا يظهر لكل صاحب بصيرة وإلا فهل المطالبة بالتعويض من قانون جاهلى ( وهو عين التحاكم ) مثل المطالبه بالإفراج ولعل قصة يوسف عليه السلام إلى التوحيد كما حكى القرآن فقال ( ءأرباب متفرقون خير أم الله الواحد القهار ) ( سورة يوسف 39 ) ..

- وقال أيضاً ( إن الحكم إلا لله أمر ألا تعبدوا إلا إياه ذلك الدين القيم ) .. هذا المعنى الواضح أو هذه المعانى الذى التى تبين أن الحاكمية من إختصاص الله وحده وهو من العبادة ومن الدين ما ندين به لله رب العالمين نحن المسلمون وقد تظلٌم سيدنا يوسف عليه السلام وطلب ممن كان معه أن يذكر عند العزيز أو عند الملك وطلب منه أن يخبره أنه مظلوم محبوس بلا ذنب ولا شك أن هذا ليس فيه تحاكم وليس فيه طلب تعويض وكل ما فيه هو ما ذكرنا وسنذكر فى تفسير القرطبى بقول الله تعالى ( أذكرنى عند ربك ) ولن نريد ولن نعلق ولن نفرٌق بينه وبين طلب التعويض لأنه واضح وينطق بكل ذلك ..

- قال القرطبى :- فى تفسير قوله تعالى ( وقال للذى ظن أنه ناج منهما أذكرنى عند ربك فأنساه الشيطان ذكر ربه فلبث فى السجن بضع سنين ) ( سورة يوسف 43 ) فيه خمس مسائل .. فقال فى المسألة الثانية :- والثانية قوله تعالى ( أذكرنى عند ربك ) أى سيدك وذلك معروف فى اللغة أن يقال للسيد رب ( وذلك كما سبق وأوضحنا فى جزء سابق فى المصطلحات ) قال الأعشى :-

ربى كريم لا يكن نعمه وإذا تتوشد فة المهارق أنشدا
- أى أذكر ما رأيته وما أنا عليه من عبارة الرؤيا للملك وأخبره أنى مظلوم محبوس بلا ذنب وقد ذكر النهى عن القول للسيد ربى فى نفس المسألة الثانية وقال . قال ابن العربى :- يحتمل أن يكون ذلك جائزاً فى شرع سيدنا يوسف .

- ثم قال فى المسألة الخامسة :- فى هذه الآية جواز التعلق بالأسباب وإن كان اليقين حاصلاً فإن الأمور بيد مسببها ولكنه جعلها سلسلة ركب بعضها على بعض فتحريكها سنه والتعويل على المنتهى يقين والذى يدل على جواز ذلك نسبه ما جرى من النسيان إلى الشيطان كما جرى لموسى فى لقيا الخضر وهذا بيٌن فتأملوه وكما سبق أن قلنا فالأمر واضح والفرق واضح ولا يحتاج إلى تعليق ..
----------------------------
ـــــــــــ  الفرق بين النظام الشرعى والنظام الإدارى  ـــــــــــ
هناك فرق بين تحكيم النظام الشرعى وتحكيم النظام الإدارى ما لم يتعارض مع مبادىء الإسلام :-

- يقول الشيخ محمد نعيم ياسين :- ( إذا قام حاكم ينتحل الحق فى إصدار تشريعات مناقضة لما هو ثابت فى الكتاب والسنة يحلل ما حرم الله أو يحرم به أحله الله سبحانه وتعالى كفر وأرتد عن دين الله القويم لأنه يعتقد بذلك أنه يسعه الخروج عن شريعة الإسلام مما شرعه الناس ومن إعتقد ذلك كان من الكافرين ولكن هذا الحكم لا يدخل فيه إصدار التشريعات التى لم تتناولها نصوص الشرع أو أو لم تتعرض لها الأحكام الإجتهادية التى إختلف العلماء فيها إلى أن قال ( ولكن لا يكفر من سن قانوناً ينظم فيه ونحوه مما لم يتعارض له الشرع بالذكر) ..

- ويقول الشيخ الشنقيطى :- واعلم أنه يجب التفضيل بين النظام الوضعى الذى يقتضى تحكيمه الكفر بخالق السماوات والأرض وبين النظام الذى لا يقتضى ذلك وإيضاح ذلك أن النظام قسمان :- ( 1 – إدارى ،2 – شرعى ) ..

- أمٌا الإدارى :- هو الذى يراد به ضبط الأمور وإتقانها على وجه غير مخالف للشرع فهذا لا مانع فيه ولا مخالف فيه من الصحابه وكذلك فيمن بعدهم وقد عمل رضى الله عنه من ذلك أشياء كثيرة ما كانت فى زمن النبى صلى الله عليه وسلم مثل كتابة الجند فى ديوان لأجل ضبط ومعرفة من غاب ومن حضر إلى أن يقول .

- وأما النظام الشرعى المخالف لتشريع خالق السماوات والأرض فتحكيمه كفر بخالق السماوات والأرض كدعوى أن تفضيل الذكر على الأنثى فى الميراث ليس بإنصاف وأنهما يلزم أستوائهما فى الميراث ، وكدعوى أن تعدد الزوجات ظلم وأن الطلاق ظلم للمرأة وأن الرجم والقطع ونحوهما أعمال وحشية لا يسوغ فعلها بإنسان ونحو ذلك .. فتحكيم هذا النظام فى أنفس المجتمع وأموالهم وأعراضهم وأنسابهم وعقولهم وأديانهم كفر بخالق السماوات والأرض وتمرد على نظام السماء الذى وضعه من خلق الخلائق كلها وهو أعلم بمصالحها سبحانه وتعالى أن يكون معه مشرٌع آخر علواص كبيراً

( أم لهم شركاء شرعوا لهم من الدين ما لم يأذن به الله ) ، وقوله ( قل أرأيتم ما أنزل الله لكم من رزق فجعلتم منه حراماً وحلالاً قل ءالله أذن لكم أم على الله تفترون ) ، ( ولا تقولوا لما تصف ألسنتكم الكذب هذا حلال وهذا حرام لتفتروا على الله الكذب إن الذين يفترون على الله الكذب لا يفلحون ) ...
----------------------------
ـــــــــــ  تطبيق إفراد الله بالحاكمية على الواقع  ـــــــــــ
- تكفير كل من أدٌعى صفة الحاكمية لنفسه أو لغيره وإعتقاد بطلان صرف الحاكمية لغير الله سواء كان هذا الغير فرد أو أسرة أو طبقة أو حزب أو مجموعة أو أى مخلوق كائناً من كان وتكفير من صرف الحاكمية لغير الله وهذا هو الشطر الأول لكلمة التوحيد ( لا إله ) وتعنى الكفر بالطاغوت .. صرف الحاكمية لله وحده بأن نحكٌم شريعة الله فى كل شئوننا صغيرها وكبيرها وجليلها وصغيرها وهذا هو الشطر الثانى لكلمة التوحيد ( إلا الله ) وتعنى الإيمان بالله وحده ...
----------------------------
ـــــــــــ  إفراد الله بالولاية  ـــــــــــ
وجه إرتباط هذا الركن بتوحيد العبادة .
1 – أنه معنى العبادة بل عبٌر القرآن الكريم عن ثلاثة أركان بالولاية والتوحيد إفراداً لله بما لا يكون إلا لله :-

- فعبٌر عن الطاعة فى قوله تعالى ( الله ولى الذين آمنوا يخرجهم من الظلمات إلى النور والذين كفروا أولياؤهم الطاغوت يخرجونهم من النور إلى الظلمات ) ( سورة البقرة 257 ) .، وقوله تعالى ( إتبعوا أحسن ما أنزل إليكم من ربكم ولا تتبعوا من دونه أولياء ) ( سورة الاعراف 3 ) .

- وعبٌر عن النسك فى قوله تعالى ( والذين إتخذوا من دونه أولياء ما نعبدهم إلا ليقربونا إلى الله زلفى ) ( سورة الأعراف 3 ) .

- وعبٌر عن النصرة فى قوله تعالى ( قل أغير الله أتخذ ولياً فاطر السماوات والأرض ) وغير ذلك كثيراً لأن معنى العبادة أن نحبه ونحب فيه ونبغض فيه ونواليه ونوالى فيه ونعادى فيه ونحرٌم ما حرٌم ونحل ما يحل العبادة كلها راجعة إلى الولاية

2 – تواتر النصوص بكفر المخالف .
3 – لم يتأخر توجيه الخطاب به بل هو من أول ما دعوا إليه من التوحيد .
----------------------------
ـــــــــــ  توضيح إفراد الله بالولاية  ـــــــــــ
- يقول الله تعالى ( قل أغير الله أتخذ ولياً فاطر السماوات والأرض ) ( سورة الانعام 14 ) ويقول سبحانه ( وإذا قال إبراهيم لأبيه وقومه إننى براء مما تعبدون إلا الذى فطرنى فإنه سيهدين وجعلها كلمة باقية فى عقبه لعلهم يرجعون ) ( سورة الزخرف 26-27-28 ) .

- والكلمة الباقية هى ( لا إله إلا الله ) فهى براءة من المشركين ويقول تعالى ( قد كانت لكم أسوة حسنةً فى إبراهيم والذين معه إذ قالوا لقومهم إنٌا برءاء منكم ومما تعبدون من دون الله كفرنا بكم وبدا بيننا وبينكم العداوة والبغضاء أبداً حتى تؤمنوا بالله وحده ) ( سورة الممتحنة 4 ) ، ويقول تعالى ( ياأيها الذين آمنوا لا تتخذوا اليهود والنصارى أولياء بعضهم أولياء بعض ومن يتولهم منكم فإنه منهم إن الله لا يهدى القوم الظالمين ) ( سورة المائدة 51 )

وقوله سبحانه ( ياأيها الذين آمنوا لا تتخذوا آباءكم وإخوانكم أولياء إن إستحبوا الكفر على الإيمان ومن يتولهم منكم فأولئك هم الظالمون ) ( سورة التوبة 23 ) ، ويقول المولى سبحانه ( ياأيها الذين آمنوا لا تتخذوا عدوى وعدوكم أولياء من دون الله ) ( سورة الممتحنة 1 ) ، وقوله تعالى ( لا يتخذ المؤمنون الكافرين أولياء من دون المؤمنين ومن يفعل ذلك فليس من الله فى شىء إلا أن تتقوا منهم تقاه ويحذركم الله نفسه ) ( سورة آل عمران 28 ) ..

ويقول الله تعالى ( ياأيها الذين آمنوا لا تتخذوا الكافرين أولياء من دون المؤمنين أتريدون أن تجعلوا لله عليكم سلطاناً مبيناً ) ( سورة النساء 144 ) ، ويقول عزوجل ( ياأيها الذين آمنوا لا تتخذوا بطانة من دونكم لا يألونكم خبالاً ودوا ما عندتم ) ( سورة آل عمران 118 ) ، وقوله تعالى ( ياأيها الذين آمنوا لا تتخذوا الذين أتخذوا دينكم هزواً ولعباً من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم والكفار أولياء واتقوا الله إن كنتم مؤمنين ) ( سورة المائدة 57 )

وقول عز من قائل ( إنما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم راكعون ) ( سورة المائدة 55 ) ، وقول المولى سبحانه وتعالى ( لا تجد قوماً يؤمنون بالله واليوم الآخر يوادون من حاد الله ورسوله ولو كانوا آباءهم أو أبناءهم أو إخوانهم أو عشيرتهم ) ( سورة المجادلة 22 )

- ويقول النبى صلى الله عليه وسلم ( أوثق عرى الإيمان الحب فى الله والبغض فى الله ) وعن جابر أنه قال ( بايعت النبى صلى الله عليه وسلم على السمع والطاعة وأن أنصح لكل مسلم وأبرأ من كل كافر ) ، وقال ابن عباس ( من والى فى الله وعادى فى الله وأحب فى الله وأبغض فى الله فإنه ينال بذلك ولاية الله ولا يجد عبد طعم الإيمان حتى يكون كذلك وقد صارت عامة مؤاخاة الناس على أمر الدنيا وهذا لا يجدى على أهله شىء ) ..

- وقال ابن تيميه ( إن تحقق شهادة أن لا إله إلا الله يقتضى أن لا يحب إلا لله ولا يبغض إلا لله ولا يوالى إلا لله ولا يعادى إلا لله وأن يحب ما أحبه الله ويبغض ما أبغضه الله ويوالى المؤمنين فى أى مكان حلٌوا ويعادى الكافرين ولوا كانوا أقرب قريب )

- يقول الشيخ محمد بن عبد الوهاب أصل دين الإسلام يقوم على أمرين :-
- الأول :- عبادة الله وحده لا شريك له وتكفير من تركه والبراءة منه .
- والثانى :- ترك الشرك فى عبادة الله وتكفير من فعله ومعادته ..
----------------------------
ـــــــــــ  تعريف المعنى اللغوى للولاء والبراء  ـــــــــــ
الولاء فى اللغة :- جاء فى لسان العرب الموالاة كما قال ابن الأعرابى أن يتشاجر إثنان فيدخل ثالث بينهما للصلح ويكون له فى أحدهما هوى فيواليه أو يحابيه ( ووالى فلان فلاناً إذا أحبه ) .

والمولى :- إسم يقع على جماعة كثيرة فهو رب والمالك والسيد والمنعم والمعتق والناصر والمحب والتابع والجار وابن العم والحليف والعقيد والصهير والعبد والمعتق والمنعم عليه ويلاحظ فى هذه المعانى أنها تقوم على النصرة والمحبة والولاية بالفتح فى النسب والنصرة والعتق والموالاة بالضم ( من والى القوم ) قال الشافعى فى قول النبى صلى الله عليه وسلم ( من كنت مولاه فعلى مولاه ) يعنى ولاء الإسلام .. والموالاة ضد المعاداه ، والولى ضد العدو .

- قال ثعلب :- ( الله ولىٌ الذين آمنوا ) وليهم فناصرهم على عدوهم وإظهار دينهم على دين مخالفيهم ، وقيل وليهم أى يتولى ثوابهم ومجازاتهم بحسن أعمالهم ( والولى :- القرب والدنو ، والموالاة :- المتابعة ) ..
------------------------------------
- البراء فى اللغة :- قال ابن العربى ( برىء إذا تخلص وبرىء إذا تنزه وتباعد وبرىء إذا أعذر وأنذر ومنه قوله تعالى ( براءة من الله ورسوله ) أى إعذار وإنذار ..
----------------------------
ـــــــــــ  تعريف المعنى الشرعى للولاء والبراء  ـــــــــــ
- ومعنى الولاء الشرعى :- الولاية هى النصرة والمحبة والإكرام والإحترام والكون مع المحبوبين ظاهراً وباطناً ، فموالاة الكفار تعنى التقرب إليهم وإظهار الود لهم بالأقوال والأفعال والنوايا ..

- ومعنى البراء الشرعى :- هو البُعد والخلاص والعداوة بعد الإعذار والإنذار ..
-----------------------
- والولاية لها أصل وصور كما قال السلف الصالح ومسمى الموالاة لأعداء الله يقع على شعُب متفاوتة منها ما يوجب الردة وذهاب الإسلام بالكلية ومنها ما هو دون ذلك من الكبائر والمحرمات ولما عقد الله المحبة والاخوة والموالاة والنصرة بين المؤمنين ونهى عن موالاة الكافرين كلهم من يهود ونصارى وملحدين ومشركين وغيرهم كان الأصول المتفق عليها بين المسلمين أن كل مؤمن موحد تارك لجميع المكفرات الشرعية تجب محبته وموالاته ونصرته ، وكل من قال بخلاف ذلك وجب التقرب إلى الله ببغضه ومعاداته وجهاد باللسان واليد بحسب القدرة والإمكان .

- يقول شيخ الإسلام ابن تيمية :- الولاية ضد العداوة وأصل الولاية المحبة والتقرب وأصل العداوة البغض والبعد ، وحيث أن الولاء والبراء تابعان للحب والبغض فإن أصل الإيمان أن تحب فى الله أنبياءه وأتباعه وتبغض فى الله أعداءه وأعداء رسله .. وقد سبق كلام الصحابة والسلف الصالح مثل ابن عباس وجابر وابن تيميه ومحمد ابن عبد الوهاب والآيات والأحاديث وأقوال السلف الصالح توضح أن للولاية أصل وصور ..

- قال الإمام الطحاوى :- كلاماً معناه الولاية أصل وصور وأصل الولاية الحب والنصرة ونفس المعنى لمن قال من السلف أن الولاية تنقسم إلى ولاية عامة وأخرى خاصة وحتى يتضح لنا أمر الولاية جلياً فسنتعرض للصور التى عدٌدها العلماء للولاية وكما قلنا فإن من هذه الصور ما هو كفر وشرك ومنها ما هو دون الشرك والكفر من كبائر الذنوب وصغائرها ..
----------------------------
ـــــــــــ  صور الموالاة  ـــــــــــ
1 – الرضى بكفر الكافرين وعدم تكفيرهم أو الشك فى كفرهم أو تصحيح أى مذهب من مذاهبهم الكافرة قال تعالى ( وأعتزلكم وما تدعون ) ( سورة مريم 48 ) .. فقد قدٌم إعتزالهم على إعتزال معبوداتهم الباطلة كما سبق أن بينٌا فى صفة الكفر بالطاغوت أن تكفير المشركين من الكفر بالطاغوت ..

2 – التولى العام وإتخاذهم أعواناً وأنصاراً وأولياء أو الدخول فى دينهم وقد نهى الله عن ذلك فقال ( لا يتخذ المؤمنون الكافرين أولياء من دون المؤمنين ومن يفعل ذلك فليس من الله فى شىء ) .. وقال ابن جرير فى تفسيرها ( فليس من الله فى شىء ) أى قد برىء من الله وبرىء الله منه بإرتداده عن دينه ودخوله فى الكفر وقال تعالى ( ومن يتولهم منكم فإنه منهم ) .. وقال ابن حزم وهذه الآية على ظاهرها بأنه كافر من جملة الكفار وهذا حق لا يختلف فيه إثنان من المسلمين ..

3 – مودتهم ومحبتهم :- وقد نهى الله عنها كما فى قوله تعالى ( لا تجد قوماً يؤمنون بالله واليوم الآخر يوادون من حاد الله ورسوله ولو كانوا .. ) ، وقال تعالى ( ياأيها الذين آمنوا لا تتخذوا عدوى وعدوكم أولياء ... ) ..

4 – الإيمان ببعض ما هم عليه من الكفر أو التحاكم إليهم دون كتاب الله كما قال تعالى ( ألم تر إلى الذين أوتوا نصيباً من الكتاب يؤمنون بالجبت والطاغوت .. ) ومن ذلك بالشيوعية والإشتراكية والديموقراطية والعلمانية وما شابه ذلك من المناهج التى تدعوا إلى نبذ كتاب الله ..

5 – الركون إليهم :- قال تعالى ( ولا تركنوا إلى الذين ظلموا) ( سورة هود 113 ) .. قال قتاده معنى الآية ( لا تودوهم ولا تطيعوهم ) .. وقال ابن جريج ألا تميلوا إليهم .

6 – مداهنتهم ومداراتهم ومجاملتهم على حساب الدين :- قال تعالى ( ودوا لو تدهنوا فيدهنون ) ( سورة القلم 9 ) ، ومن مظاهر ذلك من ينبهرون بالمشركين وبقوتهم المادية فيحاولون الإنسلاخ فى تعاليم دينهم مجاملة للكفار لئلا يصفهم أعداء الله بالتعصب والتزمت وليحذر المسلم على نفسه فإن المداهنة والمجاملة قد تبدأ بأمر صغير ثم تكبر وتنمو حتى تؤدى إلى الخروج من ملة الإسلام أعاذنا الله من ذلك لذلك فإنه يجب على المسلم أن يعتقد إعتقاداً جازماً أنه من أكبر عوامل النصر الإيمان بالله والإعتزازبالإسلام كما قال سيدنا عمر ابن الخطاب رضى الله عنه ( إنا كنا أذل قوم فأعزنا الله بالإسلام فمهما نطلب العز بغير ما أنزل الله أذلنا الله ) ..

7 – إتخاذهم بطانة من دون المسلمين :- قال تعالى ( ياأيها الذين آمنوا لا تتخذوا بطانة من دونكم لا يألونكم خبالاً ) وبطانة الرجل خاصته تشبيهاً ببطانة الثوب التى تلى بطنه لأنهم يستنبطون أمره ويطٌلعون منه على ما لا يطٌلع عليه غيره ..

8 – طاعتهم فيما يأمرون ويشيرون به :- قال تعالى ( ولا تطع من أغفلنا قلبه عن ذكرنا ) ( الكهف 28 ) ، وقوله سبحانه ( ياأيها الذين آمنوا إن تطيعوا الذين كفروا يردوكم على أعقابكم ) ( آل عمران 149 ) ، وقال تعالى ( وإن أطعتموهم إنكم لمشركون ) .. قال ابن كثير فى تفسيرها ( حيث عدلتم عن أمر الله لكم وشرعه إلى قول غيره فقدمتم عليه غيره فهذا هو الشرك ) ..

9 – مجالستهم والدخول عليهم وقت إستهزائهم بآيات الله :- قال تعالى ( وقد نزٌل عليك فى الكتاب أن إذا سمعتم آيات الله يكفر بها ويستهزأ بها فلا تقعدوا معهم حتى يخوضوا فى حديث غيره إنكم إذاً مثلهم ) .. قال ابن جرير ( وأنت مثلهم إن لم تقوموا عنهم فى تلك الحال ) ..

10 – توليتهم أمراً من أمور المسلمين كالإمارة والكتابة وغيرها وقد قال الله تعالى ( ومن يتولهم منكم فإنه منهم ) وهذا نوع من الولاية ولا يتم الإيمان إلا بالبراءة منهم وقد أنكر عمر بن الخطاب على ابى بكر إتخاذه كاتباً نصرانياً قائلاً ( لا أقُربهم إذ أبعدهم الله ولا أعزهم إذ أذلهم الله ) ..

11 – إستئمانهم وقد خونهم الله :- قال تعالى ( ومن أهل الكتاب من إن تأمنه بقنطار يؤده إليك ومنهم من إن تأمنهم بدينار لا يؤده إليك إلا ما دمت عليه قائماً ) ( آل عمران 75 ) .. حيث أن فى الأية كما حكى القرآن ( ليس علينا فى الأميين سبيل ) يقول القرطبى رحمه الله فيها فكيف يعدل من يعتقد إستباحة أموالنا وحرمتنا بغير حرج عليه ولو كان ذلك كافياً فى تعديلهم لسمعت شهادتهم على المسلمين ..

12 – الرضى بأعمالهم والتشبه بهم والتزىٌ بزيهم ففى القاعدة ( الرضى بالكفر كفر ) وقال النبى صلى الله عليه وسلم ( من تشبه بقوم فهو منهم ) ..

13 – معاونتهم على ظلمهم ونصرتهم :- ويضرب القرآن لذلك مثلاً إمرأة لوط التى كانت ردءاً لقومها حيث كانت على طريقتهم راضية بأفعالهم القبيحة وكذلك إمرأة نوح ..

14 – البشاشة لهم والطلاقة وإنشراح الصدر لهم وإكرامهم وتقريبهم :- كما قال عمر ابن الخطاب لأبى موسى الأشعرى ( لا أقرٌبهم وقد أبعدهم الله ولا أكٌرمهم وقد أذلهم الله ) ..

15 – مناصحتهم والثناء عليهم ونشر فضائلهم :- ومن ذلك ما يفعله أفراخ المستشرقين من نشر فضائلهم والقول عنهم أنهم أصحاب المنهج العلمى السديد مضيفاً عليها ألقاب التقدم والحضارة والرقى واصفاً الإسلام والمنتسبين إليه بالرجعية والجمود ..

16 – تعظيمهم وإطلاق الألقاب عليهم مثل السادة والحكماء ومبادأتهم بالسلام . يقول النبى صلى الله عليه وسلم ( لا تسيٌدوا المنافقين فإنكم إن تسيدوه فقد عصيتم ربكم عزوجل ) ، ويقول أيضاً لا تبدأو اليهوم والنصارى بالسلام ..

17 – السكن معهم فى ديارهم وتكثير سوادهم . قال النبى صلى الله عليه وسلم ( من جامع المشرك وسكن معه فإنه مثله ) ، وقال أيضاً ( لا تساكنوا المشركين ولا تجامعوهم فمن ساكنهم أو جامعهم فليس منا ) ولذلك حرٌم الإسلام على المسلم أن يقيم فى بلد لا سلطان للإسلام فيه إلا إذا إستطاع أن يظهر إسلامه ويعمل طبقاً لعقيدته دون أن يخشى الفتنة على نفسه ..

18 – التآمر معهم وتنفيذ مخططاتهم والدخول فى أحلافهم وتنظيماتهم والتجسس من أجلها ونقل عورات المسلمين وأسرارهم إليهم والقتال فى صفوفهم وخير مثال على ذلك فى واقعنا المعاصر الساهرين على تنفيذ خطة ( دنلوب ) فى التربية والتعليم والساهرين أيضاً على تنفيذ مخططاتهم اليهودية الثلاثة ( فرويد وماركس ودوركايم ) فى أفكارهم الخبيثة ..

19 – من هرب من دار الإسلام إلى دار الحرب بغضاً للمسلمين وحباً للكافرين ، قال الحسن إذا لحق الرجل بدار الحرب ولم يرد عن الإسلام فهم مرتد بتركه دار الإسلام ..

20 – من إنخرط فى الأحزاب العلمانية أو الإلحادية كالشيوعية والإشتراكية والقومية والماسونية وبذل لهم الولاء والنصر والحب ، قال تعالى ( مثل الذين اتخذوا من دون الله أولياء كمثل العنكبوت ) ( العنكبوت 41 ) ..
----------------------------
ـــــــــــ  الفرق بين الموالاة والمعاملة الحسنى  ـــــــــــ
فقد فرقت شريعة الإسلام بين الولاء والمعاملة الحسنى والأصل فى ذلك قوله تعالى ( لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم فى الدين ولم يخرجوكم من دياركم أن تبروهم وتقسطوا إليهم إن الله يحب المقسطين ) ( الممتحنة 8 ) . وقد أختلف أهل العلم فى تفسيرها فقال بعضهم أن المقصود بها الذين كانوا آمنوا بمكة ولم يهاجروا فأذن الله للمؤمنين ببرهم والإحسان إليهم وإلى هذا ذهب مجاهد

- وقال آخرون عنى بها من مشركى مكة من لم يقاتل المسلمين ولم يخرجوهم من ديارهم ونسخ ذلك بعد الأمر بقتالهم ويروى هذا عن قتادة ، ورجٌح ابن جرير أن أولى الأقوال فى ذلك بالصواب قول من قال ( عنى بذلك لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم وتقسطوا إليهم لأن الله تعالى عم بقوله ( الذين لم يقاتلوكم فى الدين ولم يخرجوكم من دياركم ) وجميع من كانت تلك الصفة صفته فلم يخصص بها بعضاً دون بعض .

- وقد روى البخارى ومسلم عن أسماء رضى الله عنها قالت قدمت على أمى وهى راغبة ( مشركة ) فى عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فاستفتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم قلت إن أمى قد قدمت على وهى راغبة أفأصل أمى ؟ قال نعم صلى أمك .. قال الخطابى فيه أن الرحم الكافرة توصل من المال ونحوه كما توصل المسلمة ويستنبط منه وجوب نفقة الأب الكافر والأم الكافرة وإن كان الولد مسلم ، والإسلام بفعله هذا حتى فى حالة الخصومة يستبقى أسباب الود فى النفوس بنظافة السلوك وعدالة المعاملة إنتظاراً لليوم الذى يقتنع فيه خصومه بأن الخير فى أن يمضوا تحت لوائه الرفيع وقد قسٌم النبى صلى الله عليه وسلم الجيران إلى ثلاثة وعد منهم الجار الكافر .

- ومن ذلك يتضح لنا أن الموالاة المتمثلة فى الحب والنصرة شىء والنفقة والصلة والإحسان للأقارب الكفار شىء آخر ، وسماحة الإسلام تتضح أيضاً فى معاملة الأسرى والشيوخ والأطفال والنساء فى الحرب كما هو معلوم من صفحاته المشرقة ..
----------------------------
ـــــــــــ  تطبيق إفراد الله بالولاية على الواقع  ـــــــــــ
بعد أن تناولنا الولاية وبينٌا أن الولاية أصل وصور وفرٌقنا بين الولاية والمعاملة الحسنى نتحدث عن تطبيق الولاية فى الواقع مع مراعاة أن المراد بذلك أصل الولاية وصورها تتعلق بالأصل وتدل عليه وتحقيق ذلك فى الواقع بأن نكفٌر كل طاغوت دعا الناس إلى ولايته من دون الله وكذلك إعتقاد بطلان صرف أى صفة من صفات الولاية أو أى صوة من صور الولاية وخاصة التى تدل على أصل الولاية والتى هى الحب والنصرة لأصل الدين وتكفير كل من صرف أصل الولاية لغير الله وهذا هو الشطر الأول من كلمة التوحيد ( لا إله ) يعنى الكفر بالطاغوت أى طاغوت الولاية وصرف الولاية لله وحده وفى الله ولأجل دينه وتجب أيضاً محبة كل مؤمن موحد تارك لجميع المكفرات الشرعية وموالاته ونصرته وهذا هو الشطر الثانى لكلمة التوحيد ( إلا الله ) وتعنى الإيمان بالله ..
----------------------------
ـــــــــــ  شروط لا إله إلا الله  ـــــــــــ
بعد أن تحدثنا عن التوحيد ومعناه وأقسامه نتحدث عن شروط لا إله إلا الله ولنتعرف على الشروط وتأثيرها على التوحيد ..

ـــ الفرق بين الشرط والركن : -
* تعريف الشرط :- هو ما يدل إنتفاؤه على إنتفاء شروطه وليس من ماهية الشىء يعنى لا يدخل فى الشىء وهو ينقسم إلى نوعين ( شروط صحة – وشروط كمال ) وإنتفاء شرط الصحة يدل على إنتفاء الكمال عن المشروط . ومن أمثلة الشروط :- شرط الوضوء وهو شرط صحة الصلاة ويدل إنتفاؤه على إنتفاء صحة الصلاة ..

* تعريف الركن :- هو ما يدل إنتفاؤه على إنتفاء الشىء وهو من ماهية الشىء يعنى يدخل فيه ومن أمثلة الأركان :- الركوع والسجود للصلاة فهى أركان تدخل فى ماهية الصلاة ويدل إنتفاؤه على إنتفاء الصلاة وبطلانها ولابد أن نعلم أن شروط لا إله إلا الله هى شروط صحة وبدل إنتفاء أى شرط منها على إنتفاء لا إله إلا الله وقد سئل وهب ابن منبه أليس لا إله إلا الله هى مفتاح الجنة ؟ فقال بلى ولكن ما من مفتاح إلا وله أسنان فإن جئت بمفتاح له أسنان فتح لك وإلا لم يفتح لك وأسنان هذا المفتاح هى شروط لا إله إلا الله وقد عددها الشيخ حافظ حكمى فى منظومته فقال :-

وبشـــــروط سبــعة قد قيــــدت وفى نصوص الوحى حقاً وردت
العلـــــم واليقـــــين والقبــــــول والإنقيــــــاد فـــادر ما أقــــــــول
والصدق والإخلاص والمـــحبة وفقــــــــــك الله لمـا أحبـــــــــــــه
----------------------------------------
وهذه الشروط سبعة كما عددها علماء الإسلام
الشرط الأول :- العلم المنافى للجهل
فلابد أولاً من العلم بمعناها المراد منها نفياً وإثباتاً الذى ينافى الجهل بذلك قال تعالى ( فاعلم أنه لا إله إلا الله ) ( محمد 19 ) وقال تعالى ( إلا من شهد بالحق وهم يعلمون ) ( الزخرف 86 ) أى بلا إله إلا الله وهم يعلمون بقلوبهم ما نطقت به ألسنتهم وقال تعالى ( شهد الله أنه لا إله إلا هو والملائكة وأولوا العلم قائماً بالقسط لا إله إلا هو العزيز الحكيم ) ( آل عمران 18 ) ..

- وعن عثمان رضى الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( من مات وهو يعلم أن لا إله إلا الله دخل الجنة ) ومن هنا نعلم أنه لا عذر لمن جهل التوحيد لأن شرط تحقيق التوحيد أو شرط من شروط تحقيق التوحيد أن يعلم به ومن جهل التوحيد فهو كافر لأنه لم يعتقد الإسلام حيث ان الإعتقاد فرع من فروع المعرفة كما قال الشيخ سيد قطب رحمه الله ( فجذر الإعتقاد المعرفة والإعتقاد هو فرع من المعرفة فإذا إنعدمت المعرفة إنعدم الإعتقاد وإذا إنعدم الإعتقاد فكيف يدخل إنسان فى دين لا يعتقده فبأى شىء يدين لله وهذا ما أكده القرآن الكريم فى أكثر من موضع وأهمها على الإطلاق ما حكاه الله فى من انه تبارك وتعالى وقد أخذ الميثاق على خلقه أن يعبدوه ولا يشركوا به شيئاً كما قال تعالى ( وإذ أخذ ربك من بنى آدم من ظهورهم ذريتهم وأشهدهم على أنفسهم ألست بربكم قالوا بلى شهدنا أن تقولوا يوم القيامة إنا كنا عن هذا غافلين أو تقولوا إنما أشرك آباؤنا من قبل وكنا ذرية من بعدهم أفتهلكنا بما فعل المبطلون وكذلك نفصٌل الآيات ولعلهم يرجعون ) ( الاعراف 172 ) ..

* قال القرطبى فى معرض تفسير لهذه الايات وروى عن عبد الله ابن عمرو عن النبى صلى الله عليه وسلم أنه قال ( أخُذوا من ظهره كما يؤخذ بالمشط من الرأس وجعل لهم عقولاً كنملة سليمان وأخذ عليهم العهد بأنه ربهم وأن لا إله غيره فأقروا بذلك والتزموه وأعلمهم بأنه سيبعث إليهم الرسل فشهد بعضهم على بعض ) .. قال أبى بن كعب وأشهد عليهم السماوات السبع فليس من أحد يولد إلى يوم القيامة إلا وقد أخذ عليه العهد ..
------------------------------------
الشرط الثانى :- اليقين المنافى للشك :-
ومعنى ذلك أن يكون قائلها مستيقناً بمدلول هذه الكلمة يقيناً جازماً فإن الإيمان لا يغنى فيه إلا علم اليقين لا علم الظن ، قال تعالى ( إنما المؤمنون الذين آمنوا بالله ورسوله ثم لم يرتابوا وجاهدوا بأموالهم وأنفسهم فى سبيل الله أولئك هم الصادقون ) ( الحجرات 15 ) ..

- وعن أبى هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( أشهد أن لا إله إلا الله وأنى رسول الله لا يلقى الله عبد غير شاك فيهما إلا دخل الجنة ..
------------------------------------
الشرط الثالث :- القبول المنافى للرد
ويعنى هذا القبول لما إقتضته هذه الكلمة بقلبه ولسانه وجوارحه وقد قص الله تعالى علينا من أنباء ما قد سبق من إنجاء من قبلها وإنتقامه ممن ردها وأباها كما قال تعالى ( وكذلك
ما أرسلنا من قبلك فى قرية من نذير إلا قال مترفوها إنا وجدنا آبائنا على أمة وإنا على آثارهم مقتدون * قال أولوا جئتكم بأهدى مما وجدتم عليه آباءكم قالوا إنا بما أرسلتم به كافرون فانتقمنا منهم فانظر كيف كان عاقبة المكذبين ) ( الزخرف 23-24 ) ، وقال تعالى 0 ثم ننجى رسلناو الذين آمنوا كذلك حقاً علينا ننجى المؤمنين ) ( يونس 103 ) ، وقال سبحانه ( إنهم كانوا إذا قيل لهم لا إله إلا الله يستكبرون ويقولون أئنا لتاركوا آلهتنا لشاعر مجنون ) ( الصافات 35 ) ..

- وقال الله ( وأنيبوا إلى ربكم وأسلموا له ) ( الزمر 54 ) ، وقال ومن يسلم وجهه إلى الله وهو محسن فقد إستمسك بالعروة الوثقى ) ( لقمان 22 ) أى بلا إله إلا الله ، وقال سبحانه ( ومن أحسن ديناً ممن أسلم وجهه لله وهو محسن ) ( النساء 125 ) ، وقال عزوجل ( فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا فى أنفسهم حرجاً مما قضيت ويسٌلموا تسليما ) ( سورة النساء ) ..

- وقال ابن كثير رحمه الله فى تفسير هذه الاية :- يقسم الله بنفسه الكريمة المقدسه أنه لا يؤمن أحد بحكم الرسول صلى الله عليه وسلم فى جميع الأمور فما حكم به فهو الحق الذى يجب الإنقياد إليه باطناً وظاهراً ولهذا قال ( ثم لا يجدوا فى أنفسهم حرجاً مما قضيت ويسلموا تسليما ) أى إذا حٌكموك يطيعونك فى بواطنهم فلا يجدون فى أنفسهم حرجاً مما حكمت به وينقادون له فى الظاهر والباطن فيسلمون لذلك تسليماً كلياً من غير ممانعه ولا مدافعة ولا منازعة كما ورد فى الحديث ( والذى نفسى بيده لا يؤمن أحدكم حتى يكون هواه تبعاً لما جئت به ) وهذا هو تمام الإنقياد وغايته ..
------------------------------------
الشرط الرابع :- الصدق المنافى للكذب
وهو أن يقولها صادقاً من قلبه يواطىء قلبه لسانه ، قال تعالى ( آلم * أحسب الناس أن يتركوا أن يقولوا آمنا آمنا وهم لا يفتنون * ولقد فتنا الذين من قبلهم فليعلمن الله الذين صدقوا وليعلمن الكاذبين ) ( العنكبوت 1-2 ) ، وقال سبحانه وتعالى ( ومن الناس من يقول آمنا بالله وباليوم الآخر وما هم بمؤمنين * يخادعون الله والذين آمنوا وما يخدعون أنفسهم وما يشعرون * فى قلوبهم مرض فزادهم الله مرضاً ولهم عذاب أليم بما كانوا يكذبون ) ( البقرة 8-9-10 ) ..

- وعن معاذ ابن جبل رضى الله عنه عن النبى صلى الله عليه وسلم ( ما من أحد يشهد أن لا إله إلا الله وأن محمد عبد الله ورسوله صدقاً من قلبه إلا حرمه الله على النار ) .

- وقال ابن القيم رحمه الله :- والتصديق بلا إله إلا الله يقتضى الإذعان والإقرار بحقوقها وهى شرائع الإسلام التى هى تفصيل هذه الكلمة بالتصديق بجميع أخباره وإمتثال أوامره وإجتناب نواهيه فالمصدق بها على الحقيقة هو الذى يأتى بذلك كله ومعلوم أن عصمة المال والدم على الإطلاق ولم تحصل إلا بها وبحقها وفى الحديث قال صلى الله عليه وسلم ( شفاعتى لمن شهد أن لا إله إلا الله مخلصاً يصدق قلبه لسانه ولسانه قلبه ) ..
------------------------------------
- الشرط الخامس الإنقياد المنافى للترك :-
الانقياد للتوحيد الذي دلت عليه هذه الكلمة العظيمة ، انقيادًا تامًا ، وهذا الانقياد والخضوع هو المحك الحقيقي للإيمان وهو المظهر العملي له . ويتحقق هذا ويحصل بالعمل بما شرعه الله تعالى ، وبترك ما نهى عنه ، وذلك هو الإسلام حقيقة ، إذ هو: أن يسلم العبد ويستسلم بقلبه وجوارحه لله تعالى ، وينقاد له بالتوحيد والطاعة ، كما قال سبحانه: { ومَن يُسْلِمْ وجْهَهُ إلَى اللَّهِ وهُوَ مُحْسِنٌ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الوُثْقَى } [ لقمان 22].

وأقسم سبحانه وتعالى بنفسه أنه لا يؤمن المرء حتى ينقاد لحكم الله وحكم رسوله: { فَلا ورَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجاً مِّمَّا قَضَيْتَ ويُسَلِّمُوا تَسْلِيماً } [ النساء65 ] ، وحتى ميول الإنسان وما يهواه ، ينبغي أن يكون من وراء ما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم وتابعًا له « لا يؤمن أحدكم حتى يكون هواه تبعًا لما جئت به » ، وهذا هو تمام الانقياد وغايته .
------------------------------------
الشرط السادس :- الإخلاص المنافى للشك :-
الإخلاص :- هو تصفية العمل بصالح النية عن جميع شوائب الشرك قال تعالى ( ألا لله الدين الخالص ) ( الزمر 3 ) ، وقال سبحانه ( وما أمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين حنفاء ) ( البينة 5 ) ..

- وعن أبى هريرة رضى الله عنه عن النبى صلى الله عليه وسلم قال ( أسعد الناس بشفاعتى من قال لا إله إلا الله من قلبه أو نفسه ) ، وعن عتبان ابن مالك رضى الله عنه عن النبى صلى الله عليه وسلم قال ( إن الله حرٌم على النار من قال لا إله إلا الله يبتغى بها وجه الله ) ،

- ويقول الفضيل ابن عياض رحمه الله ( إن العمل إذا كان خالصاً ولم يكن صواباً لم يقبل وإذا كان صواباً ولم يكن خالصاً لم يقبل حتى يكون صواباً خالصاً ، والخالص أن يكون لله وحده والصواب أن يكون على السنة ) ولقد ضرب الله سبحانه فى القرآن مثلاً واضحاً للمخلصين فى توحيده وللمشرك فقال سبحانه ( ضرب الله مثلاً رجلاً فيه شركاء متشاكسون ورجلاً سلماً لرجل هل يستويان مثلاً ) ( الزمر 29 ) ..

- يقول الشيخ سيد قطب رحمه الله فى تفسير هذه الاية ( هذا مثل يضربه الله للعبد الموحد والعبد المشرك بعبد يملكه شركاء يخاصم بعضهم بعضاً فيه وهو بينهم موزع ولكل واحد منهم فيه توجيه ولكل منهم عليه تكليف وهو بينهم حائر لا يستقر على منهج ولا يستقيم على طريق ولا يملك أن يرضى أهواءهم المتنازعة المتشاكسة ، وعبد يملكه سيد واحد وهو يعلم ما يطلبه منه ويكلفه به فهو مستريح مستقر على منهج واحد صريح )

- هل يستويان مثلاً :- لا لأن الذى يخضع لسيد واحد ينعم براحة الإستقامة والمعرفة واليقين وتجمع الطاقة ووحدة الإتجاه ووضوح الطريق ، والذى يخضع لسادة مشتركين معذٌب مقلقل لا يستقر على حال ولا يرضى واحداً منهم فضلاً عن أن يرضى الجميع وهذا المثل يصور حقيقة التوحيد وحقيقة الشرك فى جميع الأحوال ، فالقلب المؤمن بحقيقة التوحيد هو القلب الذى يسير على هدى من الله يستمد منه وحده ويتجه إليه وحده

- إن الإسلام لابد فيه من الإستسلام لله وحده وترك الإستسلام لما سواه وهذه حقيقة لا إله إلا الله فمن أسلم لله ولغيره فهم مشرك والله لايغفر أن يشرك به ومن لم يستسلم له فهو مستكبر عن عبادته وقد قال الله تعالى ( إن الذين يستكبرون عن عبادتى سيدخلون جهنم داخرين ) ..
------------------------------------
الشرط السابع :- الحب المنافى للبغض .
فلابد من المحبة لهذه الكلمة ولما إقتضته ودلت عليه ولأهلها العاملين بها الملتزمين بشروطها وبغض ما ناقض ذلك قال تعالى ( ومن الناس من يتخذ من دون الله أنداداً يحبونهم كحب الله والذين آمنوا أشد حباً لله ) ( سورة البقرة ) ، وقال أعز من قائل ( ياأيها الذين آمنوا من يرتد منكم عن دينه فسوف يأتى الله بقوم يحبهم ويحبونه أذلة على المؤمنين أعزة على الكافرين يجاهدون فى سبيل الله ولا يخافون لومة لائم ) ( سورة المائدة )..

* وفى الحديث عن النبى صلى الله عليه وسلم ( ثلاث من كن فيه وجد بهن حلاوة الإيمان أن يكون الله ورسوله أحب إليه مما سواهما وأن يحب المرء لا يحبه إلا لله وأن يكره أن يعود إلى الكفر بعد إذ أنقذه الله منه كما يكره أن يلقى به فى النار ) ..

* قال الشيخ حافظ حكمى رحمه الله :- وعلامة حب العبد ربه تقديم محبته وإن خالفت هواه وبغض ما يبغض ربه وإن مال إليه هواه وموالاة من والى الله ورسوله ومعاداة من عاداه وإتباع رسوله وإقتفاء أثره وقبول هداه ) .. ويقول ابن القيم فى نونيته .

شرط المحبة أن توافق من تحب على محبته بلا عصــــــــيان
فإذا أدٌعــــــيت له المحبـة قــــد فك ما تحـــب فأنت ذو بهتــان
أتحـــــب أعداء الحبيب وتدعى حباً له ما ذاك فى إمكــــــان
وكذا تعادى جاهـــــــــداً أحبابه أين المحـــــبة ياأخا الشيطان
ليس العبادة غير توحيد المحبة مع خضوع القلب والأركـــان
==================
ـــــــــــ  نواقض لا إله إلا الله  ـــــــــــ
بعد أن تحدثنا عن كلمة التوحيد ومعناها وشروطها فسنتحدث عن نواقضها حيث أن الإسلام حرص على بيان حقيقته ما يناقضه ولكن من المهم أن نتناول قاعدة هامة ينضبط بها فهم المسلم لدينه وهذه القاعدة ذات شقان :-

- الأول :- الإيمان قول وعمل
- الثانى :- الإيمان يزيد وينقص
ويتفرع من هذين الشقين أن الإيمان شعب والكفر شعب .
-----------------------------------
1 – الإيمان يزيد وينقص :-
إستنبط علماء الإسلام أن الإيمان يزيد وينقص من الكتاب والسنة قال تعالى ( إنما المؤمنون الذين إذا ذكر الله وجلت قلوبهم وإذا تليت عليهم آياته زادتهم ) ( الانفال 2 ) وقال تعالى ( والذين إذا ذكر الله وجلت قلوبهم والمقيمى الصلاة ومما رزقناهم ينفقون ) ( الحج 35 ) ، وقال تعالى ( هو الذى أنزل السكينة فى قلوب المؤمنين ليزدادوا إيماناً مع إيمانهم ) ( الفتح 4 ) ..

- وكان عمر ابن الخطاب رضى الله عنه إذا أراد أن يذٌكر نفسه وأصحابه بالله ويقول ( هيا نؤمن بالله ساعة ) وقاعدة زيادة الإيمان ونقصانه قاعدة ثابتة عند أهل السنة والجماعة قالوا ( إن الإيمان يزيد وينقص – يزيد بالطاعة وينقص بالمعصية ويدل على زيادته بالطاعة ونقصانه بالمعصية ) قال تعالى ( إن الذين تولوا منكم يوم إلتقى الجمعان إنما إستزلهم الشيطان ببعض ما كسبوا ) ( آل عمران 155 ) ..

- وقد إستدل علماء الإسلام بهذه الآية الكريمة على أن فعل الطاعة يوفق لطاعة بعدها وفعل المعصية يستدل لفعل معصية بعدها ولذلك فليحذر المسلم من فعل المعاصى لأن المعاصى بريد الكفر .. ومما إستدل به العلماء أيضاً على أن الإيمان يزيد وينقص قوله تعالى ( هم للكفر يومئذ أقرب منهم للإيمان ) ( آل عمران 176 ) ، فقد وصف المنافقين بأنهم أقرب للكفر منهم للإيمان وكانت معاصيهم ونفاقهم قربتهم للكفر وأبعدتهم عن الإيمان ..

2 – الإيمان قول وعمل وكذلك الإيمان شعب والكفر شعب :-
- قال تعالى ( إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات وأقاموا الصلاة ) وبهذه الآية وأمثالها إستدل علماء الإسلام على أن الإيمان قول وعمل ، قال صلى الله عليه وسلم ( الإيمان بضع وسبعون أو بضع وستون شعبة أعلاها قول لا إله إلا الله وأدناها إماطة الأذى عن الطريق والحياء شعبة من شعب الإيمان ) .. ومن هذا الحديث إستنبط علماء الإسلام أن الإيمان شعب وكذلك الكفر شعب ..

- وقد وضٌح ذلك ابن القيم فقال :- ( الكفر والإيمان متقابلان إذا زال أحدهما خلفه الآخر ) ولما كان الإيمان أصلاً له شعب متعددة وكل شعبة منها تسمى إيماناً ، فالصلاة من الإيمان وكذلك الزكاة والحج والصيام والأعمال الباطنة كالحياء والتوكل والخشية من الله والإنابة إليه حتى تنتهى هذه الشعب إلى إماطة الأذى عن الطريق فإنه شعبة من شعب الإيمان .. وهذه الشعب منها ما يزول الإيمان بزوالها كشعبة الشهادة ( لا إله إلا الله ) ومنها ما لا يزول بزوالها كترك إماطة الأذى عن الطريق وبينهما شعب متفاوتة تفاوتاً عظيماً منها ما يلحق بشعبة إماطة الأذى عن الطريق ويكون إليها أقرب ..

- وكذلك الكفر ذو أصل وشعب وكما أن شعب الإيمان إيمان فشعب الكفر كفر .. والحياء شعبة من الإيمان وقلة الحياء شعبة من شعب الكفر ، والصدق شعبة من شعب الإيمان والكذب شعبة من شعب الكفر والصلاة والزكاة والحج والصيام من شعب الإيمان وتركها من شعب الكفر ..

- وحقيقة الإيمان مركبة من قول وعمل والقول قسمان والعمل قسمان ( قول القلب وهو الإعتقاد ، وقول اللسان وهو التكلم بكلمة الإسلام ) ( وعمل القلب نيته ، وعمل الجوارح ) .. هذه الأربعة إذا زالت زال الإيمان وإذا زال تصديق القلب لم تنفع بقية الأجزاء فالمعاصى كلها شعب من شعب الكفر وكذلك الطاعات كلها شعب من شعب الإيمان وقد تكون فى الإنسان شعبة أو أكثر من شعب الإيمان وقد يسمى بتلك الشعبة مؤمناً إذا تحقق فيه الأصل والتوحيد ، وقد لا يسمى بتلك الشعبة مؤمناً إذا لم يتحقق فيه الأصل وكذلك قد يسمى قيام الإنسان بشعبة من شعب الكفر كافراً إذا إنقضى الأصل وقد لا يسمى كافراً إذا لم يؤثر على الأصل ..

وأما نواقض لا إله إلا الله فهى الكفر والشرك والنفاق والردة ، ونقصد بالكفر الكفر الأكبر المخرج من الملة وقد حدد العلماء للكفر الأكبر خمسة أنواع رئيسية :-
---------------------------------------------------------------------
1 - كفر التكذيب :-
وهو إعتقاد كذب الرسل وإن كان هذا قليل فى الكفار لأن الله أيد رسله بالبينات وأعطاهم من البراهين والآيات على صدقهم ما أقام به بالحجة وأزال به المعذرة حتى أنهم جحدوا الآيات بألسنتهم واستيقنتها أنفسهم كما قال تعالى ( وجحدوا بها وأستيقنتها أنفسهم ظلماً وعلواً ) ( النمل 14 ) ، قال أيضاً ( فإنهم لا يكذبونك ولكن الظالمين بآيات الله يجحدون ) ( الانعام 24 ) ..
--------------------------------------
2 – كفر الإباء والإستكبار مع التصديق
- مثل كفر إبليس ومن هنا كان كفر من عرف الرسول ولم ينقد له إباءاً وإستكباراً وهذا هو الغالب على كفر أعداء الرسل كما قال تعالى عن فرعون وقومه ( أنؤمن لبشرين مثلنا وقومهما لنا عابدين ) ( المؤمنون 47 ) .. ومنه أيضاً كفر أبى طالب فإنه صدٌق النبى صلى الله عليه وسلم ولم يشك فى صدقه ولكن أخذته الحمية وتعظيم آبائه أن يرغب عن ملتهم ..
--------------------------------------
3 – كفر إعراض :-
مثل من يعرض عن الرسول صلى الله عليه وسلم لا يسمعه ولا يصدقه ولا يكذبه ولا يواليه ولا يعاديه ولا يصغى إلى ما جاء به البته ، كما قال أحد بنى عبد الليل للنبى صلى الله عليه وسلم ( والله أقول لك كلمة إن كنت صادقاً فأنت أجل فى عينى من أن أرد عليك وإن كنت كاذباً فأنت أحقر من أن أكلمك ) ..
--------------------------------------
4 – كفر الشك :-
من شك فيما جاء به النبى صلى الله عليه وسلم حيث لا يجزم بصدقه ولا بكذبه بل يشك فى أمره وهذا لا يستمر شكه إلا إذا لزم نفسه الإعراض عن النظر فى آيات صدق الرسول صلى الله عليه وسلم جملة .. وأما مع إلتفاته إليها ونظره فيها فإنه معه شك لأن الآيات مستلزمة لصدقه ناطقة بنبوته ..
--------------------------------------
5 – كفر النفاق :-
وهو كفر من يظهر بلسانه الإيمان وينطوى بقلبه التكذيب وهذا هو النفاق الأكبر وفيه يقول ابن القيم ( والنفاق منه ما هو أكبر يكون صاحبه فى الدرك الأسفل من النار كنفاق عبد الله ابن أبى وغيره بأن يظهر الإسلام ويبطن تكذيب الرسول أو جحود بعض ما جاء به أو بغضه أو عدم إعتقاد وجوب إتباعه أو المسرة بإنخفاض دينه أو الحزن بظهور دينه ونحو ذلك مما لا يمكن صاحبه إلا أن يكون عدواً لله ورسوله .. ويجب أن نعلم أيضاً أن النفاق كما أن منه ما هو أكبر كما بينٌا وهو الذى ينقض لا إله إلا الله فإن من النفاق ما هو أصغر لا يخرج من الملة كالذى عناه النبى صلى الله عليه وسلم بقوله ( آية المنافق ثلاث إذا حدث كذب وإذا وعد أخلف وإذا أؤتمن خان ) ..

- مع مراعاة أن هذه الخصال أو حتى خصلة منهن إذا إستحكمت وكملت فقد ينسلخ صاحبها عن الإسلام بالكلية وإن صلى وصام وزعم أنه مسلم فإن الإيمان ينهى المؤمن عن هذه الخصال أو الخلال فإذا كملت فى العبد ولم يكن ما ينهاه عن شىء منها فهذا لا يكون إلا منافقاً خالصاً كما فى قوله صلى الله عليه وسلم ( أربع من كن فيه كان منافقاً خالصاً ومن كانت فيه خصلة واحدة منهم كانت فيه خصلة من النفاق حتى يدعها إذا حدث كذب وإذا عاهد غدر وإذا خاصم فجر وإذا أؤتمن خان ) ..

* ومن نواقض لا إله إلا الله الشرك الأكبر وقد عدٌ الشيخ محمد بن عبد الوهاب أربعة أنواع منها رئيسية نذكرها كنواقض للا إله إلا الله
--------------------------------------------
1 – شرك الدعوة :- قال تعالى ( فإذا ركبوا فى الفلك دعوا الله مخلصين له الدين فلما نجاهم إلى البر إذا هم يشركون ) ..

2 – شرك النية والأرادة والقصد :- قال تعالى ( من كان يريد الحياة الدنيا وزينتها نوف أعمالهم فيها وهم فيها لا يبخسون * أولئك الذين ليس لهم فى الآخرة إلا النار وحبط ما صنعوا فيها وباطل ما كانوا يعملون ) ..

3 – شرك الطاعة :- قال تعالى ( أتخذوا أحبارهم ورهبانهم أرباباً من دون الله ) وفى الحديث عن عدى ابن حاتم حين سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ هذه الآية ( أتخذوا أحبارهم ورهبانهم من دون الله ) قال : قلت إنهم لم يعبدوهم فقال بلى إنهم حرمٌوا عليهم الحلال وأحلوا لهم الحرام فاتبعوهم فذلك عبادتهم أياهم ) .. وقال حذيفة ابن اليمان وابن عباس وغيرهما فى تفسير هذه الآية ( أنهم إتبعوهم فيما حللوا وحرموا ) ..
--------------------------------------
4 – شرك المحبة :- قال تعالى ( ومن الناس من يتخذ من دون الله أنداداً يحبونهم كحب الله ) ومن نواقض لا إله إلا الله الردة :- وهى الكفر بعد الإيمان فمن قال الكفر أو فعله أو رضى به مختاراً كفراً وإن كان مع ذلك يبغض بقلبه ..

* وقد قال علماء السنة والحديث :- إن المرتد هو الذى يكفر بعد إسلامه إما نطقاً وإما فعلاً وإما إعتقاداً وقرروا أن من قال الكفر كفر وإن لم يعتقده ولم يعمل به إذا لم يكن مكرهاً بشروط الإكراه المعتبرة كما حددها الشارع .. وكذلك إذا فعل الكفر كفر وإن لم يعتقده ولا نطق به وكذلك إذا شرح بالكفر صدره أى وسعه وفتحه وإن لم ينطق بذلك ولم يعمل به ..
==================
ـــــــــــ  نواقض الإسلام  ـــــــــــ
وتكملة لنواقض لا إله إلا الله نذكر أن أهل العلم عدوا نواقض الإسلام وأفاضوا فى الحديث عنها والتحذير منها ومن أهمها عشرة نواقض :-
-------------------------------------------------
1 – الشرك فى عبادة الله وحده لا شريك له :- قال تعالى ( إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء ) ، وقال سبحانه ( إنه من يشرك بالله فقد حٌرم الله عليه الجنة ) ..

2 – من جعل بينه وبين الله وسائط يدعوهم ويسألهم الشفاعة كفر إجماعاً :- ففى الحديث القدسى عن رب العزة سبحانه ( إذا عمل عبدى عملاً وأشرك فيه غيرى تركته وشركه ، ويقول النبى صلى الله عليه وسلم ( إن الله لا يقبل من العمل إلا ما كان خالصاُ وابتغى به وجهه ) ..

3 – من لم يكفر المشركين أو شك فى كفرهم أو صحح مذهبهم كفر إجماعاً :- ( وأعتزلكم وما تدعون من دون الله ) فقد قدم إعتزالهم على إعتزال معبوداتهم الباطلة وإعتزالهم يقضى تكفيرهم أولاً ..

4 – من إعتقد أن غير هدى النبى صلى الله عليه وسلم أكمل من هديه أو أن حكم غيره أحسن من حكمه فهو كافر كالذبن يفضلون حكم الطاغوت على حكم الله ورسوله .. قال تعالى ( ألم تر إلى الذين يزعمون أنهم آمنوا بما أنزل إليك وما أنزل من قبلك يريدون أن يتحاكموا إلى الطاغوت وقد أمروا أن يكفروا به ) ، وقوله تعالى ( فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ) ..

5 – من أبغض شيئاً مما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم ولو عمل به كفر إجماعاً :- قال تعالى ( ذلك بأنهم كرهوا ما أنزل الله فأحبط أعمالهم ) ..

6 – من إستهزأ بشىء من دين الله أو ثوابه أو عقابه كفر :- قال تعالى ( قل أبالله وآياته ورسوله كنتم تستهزءون لا تعتذروا قد كفرتم بعد إيمانكم ) ..

7 – السحر ومنه الصرف والعطف فمن فعله أو رضى به كفر :- قال تعالى ( وما يعلمٌان من أحد حتى يقولا إنما نحن فتنة فلا تكفر ) ..

8 – مظاهرة المشركين ومعاونتهم على المسلمين :- قال تعالى ( ومن يتولهم منكم فإنه منهم ) ..

9 – من إعتقد أن بعض الناس لا يجب عليه إتباع النبى صلى الله عليه وسلم وأنه يسعه الخروج من شريعته كما وسع الخضر الخروج عن شريعة موسى عليهما السلام فهو كافر .. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( والذى نفسى بيده لو أن موسى وعيسى حيين بين أظهرنا ما حل لهما إلا أن يتبعان ) ..

10 – الإعراض عن دين الله لا يتعلمه ولا يعمل به ، قال تعالى ( ومن أظلم ممن ذكٌر بآيات ربه ثم أعرض عنها إنا من المجرمين منتقمون ) ..

* ولا فرق فى جميع هذه النواقض بين الهازل والجاد والخائف وكلها من أعظم ما يكون خطراً فينبغى على المسلم أن يحذرها ويخاف منها على نفسه ) ..
==================
ـــــــــــ  قاعدة من لم يكفٌر المشركين أو شك فى كفرهم أو صحح مذهبهم  ـــــــــــ
- من النواقض التى ينبغى الوقوف عليها وشرحها ناقض عدم تكفير المشركين :-
ذلك لأن الناس لبعد عهدهم عن المجتمعات الإسلامية التى تعيش الإسلام وتحٌكم شريعته إندرس فهمهم للإسلام وظنوا أن تكفٌير المشركين هذه المسألة خلافية ويسع المسلمين الإختلاف حولها وهذا لاشك باطل لأن تكفير المشركين من أصل الدين ثم نتعرض للشبهات التى تثار حول هذا الموضوع ثم نبين مجال هذا الناقض ..

- الأدلة على أن تكفٌير المشركين من أصل الدين :-
الدليل الأول :- أن تكفٌير المشركين من الكفر بالطاغوت :- قال تعالى ( ذلك بأن الله هو الحق وأن ما يدعون من دونه الباطل )

- قال الشيخ محمد بن عبد الوهاب فى صفة الكفر بالطاغوت ( هو إعتقاد بطلان عبادة غير الله وتكفير أهلها ومعاداتهم ) ، وقال الشيخ أيضاً ( أصل دين الإسلام يقوم على أمرين ،
- الأمر الأول :- عبادة الله وحده لا شريك له وتكفير من تركه والبراءة منه .
- الأمر الثانى :- ترك الشرك فى عبادة الله وتكفير من فعله ومعاداته .
---------------------------------------------------
الدليل الثانى :- قول الله عزوجل ( وأعتزلكم وما تدعون ) :-
قال الشيخ محمد ابن إبراهيم آل الشيخ ( وهنا نكتة لطيفة فقد قدم إعتزال معبوداتهم الباطلة ) ومعنى ذلك لئلا يتوهم أن المطلوب هو إعتزال المعبودات فقط بل لابد من إعتزال عابديها ، وما ينبغى التفطن له هنا أن الكفار لا يُعتزلوا إلا بعد تكفيرهم ومثل هذه الآية قوله تعالى ( إنٌا برآء منكم ومما تعبدون من دون الله ) فقد قدم البراءة منهم على البراءة من معبوداتهم الباطلة ولا شك أنه لا يعتزلهم ويتبرأ منهم إلا بعد تكفيرهم ..

الدليل الثالث :- لقد عد علماء الإسلام عدم تكفير المشركين أو الشك فى كفرهم أو تصحيح مذهبهم ناقض من نواقض اللإسلام وذكروا أن هذا إجماعاً مثل ما هو إجماع على كفر من عبد غير الله ...

الدليل الرابع :- عدم تكفير المشركين والكفار هو رد للآيات والأحاديث التى تحكم بكفرهم فكيف لا يحكم الله ورسوله فى المشركين والآيات والأحاديث صريحة ومحكمة فى كفرهم ..

الدليل الخامس :- عدم تكفير المشركين ولاءاً لهم .
حيث أن الناس صنفان لا ثالث لهما إما مسلمون فلهم حق الولاء وإما كافرون فلهم حق البراءة ومن لم يكفرهم فقد وضعهم فى الصنف الأول وأعطاهم حق الولاء ..

الدليل السادس :- الكفر ملة واحدة .
وقد أجمع علماء الإسلام على أن من لم يكفر اليهود والنصارى فهو كافر وكفر اليهود والنصارى سببه إرتكابهم الكفر وبالتالى فكل من إرتكب الكفر فهو كافر سواء أكان يهودياً أو نصرانياً أو حتى مسلم ، ونذكر فى هذه المناسبة قول حذيفة ابن اليمان رضى الله عنه قيل له عن آيات الحاكمية فى المائدة وهى قوله تعالى ( أولئك هم الكافرون ) أنها فى بنى إسرائيل فقال حذيفة نعم الأخوة بنى إسرائيل إن كان لهم كل مرة ولكم كل حلوة ، وقول آخر هو فى بنى إسرائيل ونحن المسلمون بها أولى .

* والقاعدة الأصولية تقول ( ليست العبرة بخصوص السبب ولكن العبرة بعموم اللفظ ) .. فإذا كان علماء الإسلام قد أجمعوا على كفر من لم يكفٌر اليهود والنصارى فهو إجماع أيضاً على من لم يكفٌر أى طائفة من طوائف المشركين سواء كان يهودى أو نصرانى أو حتى يسموا أنفسهم مسلمين لأن العبرة بحقيقتهم وأعمالهم وليست بما نسبوا إليه .

==================
ـــــــــــ  شبهات والردود عليها  ـــــــــــ
الشبهة الأولى :- قالوا أن قاعدة من لم يكفٌر الكافر قاعدة فقهية وهذا باطل وما جرهم على هذا إلى لأنها تسمى قاعدة فظنوا أنها كأى قاعدة فقهية مبنية على إستنباط العلماء وإجتهادهم .. والصحيح أنها من أصل الدين ..
- وإلا فهل نواقض الإسلام التى عددها العلماء وأجمعوا عليها فقهية ؟
- وهل صفة الكفر بالطاغوت فقهية ؟ وهل البراءة من المشركين وإعتزالهم فقهية ؟
- وهل الأحكام الواضحة فى الأيات المحكمة فقهية ؟
- وهل مع النصوص الواضحة الصريحة بكفر المشركين إجتهاد والقاعدة تقول ( لا إجتهاد مع النص ) وكل هذا لاشك يدحض الإدعاء بأنها فقهية .

الشبهة الثانية :- قالوا أن اليهود والنصارى هناك نصوص بالحكم عليهم كقوله تعالى ( لقد كفر الذين قالوا إن الله ثالث ثلاثة ) .. ونقول لمن قال ذلك هل يفهم قول الله عزوجل ( لقد كفر الذين قالوا إن الله ثالث ثلاثة ) هل يفهم من هذه الآية أن أناس بأعيانهم إذا قالوا ذلك يكفروا وإذا قال آخرون مثل ما قالوا لا يكفروا ولاشك أن من قال ذلك فقد إتهم شريعة الله بالنقص وعدم العدل ولكن كما فى القاعدة ( ليست العبرة بخصوص السبب ولكن العبرة بعموم اللفظ ) الحق أن من فعل هذه الفعلة فهو كافر كائناً من كان كل من قال أو فعل أو إعتقد أن الله ثالث ثلاثة فهو كافر ومن لم يكفره فهو كافر .

- والمشركون المنتسبون إلى الإسلام من هذه الأمة فى عصرنا أشركوا مع الله آلهة متعددة كما يشهد بذلك واقعهم ، اللهم إلا إذا ظن من يخصون اليهود والنصارى فقط بتكفير من لم يكفرهم أن الأمر محصور فى من قال كما حكى القرآن عنهم فى قوله سبحانه ( لقد كفر الذين قالوا إن الله ثالث ثلاثة ) وهذا محال لأن المراد هو كفر المشركين الذين قالوا إن الله ثالث ثلاثة وغيرهم ممن أشركوا مع الله آلهة أخرى سواء كانوا ثلاثة أو أقل أو أكثر .

- وكذلك لابد أن نعلم أن المراد بالكفر ليس الذين قالوا بالتثليث فقط ولكن من قال أو فعل أو إعتقد بل لعل والإعتقاد أبلغ وكفار هذه الأمة قالوا وعملوا وإعتقدوا الشرك وقد أمرهم الله فى غير موضع بالتوحيد وترك الشرك مثل قوله تعالى ( وقال الله لا تتخذوا آلهين اثنين ) وكذلك لابد أن نعلم أن حكاية الله لنا قصص أهل الكتاب فى القرآن الكريم ليس لمجرد الحكاية ولكن لتحذيرنا من الوقوع فيما وقعوا فيه فيكون مصيرنا مصيرهم .

* والخلاصة :- أنه لا فرق بين مشرك ومشرك فإذا كان هناك إجماع من علماء المسلمين على كفر من لم يكفر اليهود والنصارى فكذلك هو يعتبر إجماع على كفر من لم يكٌفر من فعل ما فعلوه اليهود والنصارى وهذا هو حال من ينتسبون إلى الإسلام فى واقعنا المعاصر بل إن شركهم وكفرهم أشر من شرك وكفر اليهود والنصارى .

الشبهة الثالثة :- إستدلوا على أن تكفير المشركين ليس من أصل الدين لقول الله عزوجل ( فما لكم فى المنافقين فئتين ) قالوا إختلف الصحابة رضوان الله عليهم فى المنافقين كما بينت هذه الآية والنبى بينهم على إحدى الطائفتين المختلفتين ولم تكٌفر إحدى الطائفتين الأخرى ..

* وفى الرد على ذلك نقول :- هذه الآيات لها حوالى خمسة أسباب نزول .
الأول :- قيل أنها نزلت فى طائفة من المنافقين وقد وضح ذلك الإمام القرطبى وأشار إلى الخمسة أسباب التى ذكرها العلماء للنزول فى هذه الآيات ، قال الإمام القرطبى فى قوله تعالى ( فما لكم فى المنافقين فئتين ) أى فرقتين مختلفتين .. روى مسلم عن زيد ابن ثابت أن النبى صلى الله عليه وسلم خرج إلى أحد فرجع ناس ممن كان معه فكان أصحاب النبى صلى الله عليه وسلم فرقتين فقال بعضهم نقتلهم وقال بعضهم لا فنزلت الآية ( فما لكم فى المنافقين فئتين ) وأخرجه الترمذى فزاد وقال إنها طيبة وقال إنها تنفى الخبيث كما تنفى النار الحديد وقال حديث حسن صحيح .

- وقال البخارى ( إنها طيبة تنفى الخبث كما تنفى النار خبث الفضة ) والمعنى بالمنافقين هنا عبد الله ابن أبى وأصحابه الذين خذلوا رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم أحد ورجعوا بعسكرهم ، وقال ابن عباس هم قوم بمكة آمنوا وتركوا الهجرة .

- قال الضحاك وقالوا إن ظهر محمد صلى الله عليه وسلم فقد عرفنا وإن ظهر قومنا فهو أحب إلينا فصار المسلمون فيهم فئتين قوم يتولونهم وقوم يتبرءون منهم فقال الله عزوجل ( فما لكم فى المنافقين فئتين والله أركسهم بما كسبوا ) حتى جاءوا المدينة يزعمون أنهم مهاجرون ثم إرتدوا بعد ذلك فاستأذنوا رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى مكة ليأتوا ببضاعة لهم يتجرون فيها فاختلف فيهم المؤمنون فقائل يقول هم منافقون .

والأول أصح نقلاً وهو إختيار البخارى ومسلم والترمذى ولعله يتضح لنا جلياً بعد أن وقفنا على تفسير الآيات للإمام القرطبى وقد ذكرنا فيها أسباب النزول أن الآيات تتحدث عن المنافقين وأن الصحابة رضوان الله عليهم كان إختلافهم فى المنافقين ولم يكن فى الكافرين أو بمعنى أدق فى المشركين الذين يتخذون مع الله آلهة أخرى لأنه لاشك أن هناك فرق كبير وبون شاسع بين الإختلاف فى المنافقين والإختلاف فى المشركين .. لأن المشرك والكافر يظهر الشرك والكفر وأما المنافق فهو يظهر الإسلام ويبطن الكفر ويراوغ فى أقواله وأفعاله وإذا أحس أن أمره إنكشف سارع فى الإعتذار والمراوغة ولعلك تلاحظ كما ذكر القرطبى أولئك الذين إستأذنوا النبى صلى الله عليه وسلم إلى مكة ليأتوا ببضائع لهم يتجرون فيها فهذا التصرف منهم يوحى بالمراوغة التى توقع ولاشك فى الريبة والحيرة ومن هنا كان إختلاف أصحاب النبى صلى الله عليه وسلم فى أمرهم ..

* وأصحاب النبى صلى الله عليه وسلم لم يختلفوا فى كفر أبى جهل وحزبه والذين نتحدث نحن فى كفرهم وشركهم هم أمثال أبى جهل وحزبه وهم الذين يصرحون بالكفر ولا يراوغون كما يراوغ المنافقين بل هم يظنون أن ما هم عليه هو الحق ويتهمون المسلمين بالتخلف والرجعية . ولعلنا ندرك من تسمية الآيات لهم بالمنافقين ولو كانوا مشركين يظهرون شركهم لما سموا بالمنافقين ..

الشبهة الرابعة :- قالوا إن أبا بكر وعمر رضى الله عنهما إختلفا فى تكفير مانعى الزكاة .

أولاً :- لابد أن نعلم ركن من أركان الإسلام وهى من فروع الشريعة التى إختلف علماء الإسلام فى حكم تاركها وهو خلاف معتبر .

ثانياً :- لابد من أن نعلم أيضاً أن مانعى الزكاة كانوا ثلاث طوائف .
- الأولى – تأولت أن الزكاة لا تدفع إلا للنبى صلى الله عليه وسلم متأولين قول الله تعالى ( خذ من أموالهم صدقة ) والخطاب للنبى صلى الله عليه وسلم فلما مات النبى صلى الله عليه وسلم منعوا الزكاة وقالوا لا ندفع إلا إلى النبى صلى الله عليه وسلم وقد مات النبى صلى الله عليه وسلم ,.

- الثانية – منعت الزكاة وأدعت نبوة مسيلمة .
- الثالثة – إمتنعت عن دفع الزكاة جحوداً لها وقد قاتهلم أبو بكر فقال مرتدين وسميت حروبهم بحروب الردة ، والطائفة الثانية لا خلاف فى كفرها لقولها بنبوة مسيلمة ، وكذلك الطائفة الثالثة لا خلاف فى كفرهم لأنه من المعلوم لدى جميع علماء الأمة أن جحد أى شىء من الدين فلا خلاف فى كفره .. ومنا هنا نعلم أن إختلاف أبى بكر وعمر كان فى قتالهم ولم يكن فى الحكم عليهم وهذا واضح من الحديث فى قول سيدنا عمر كيف نقاتل الناس وقد قال رسول الله ....

* وقد بدٌل الحديث أيضاً على أن الخلاف فى كفر الطائفة الأولى لأنه لا خلاف كما سبق أن بينٌا فى الطائفة الثانية يعنى من كفرهم وكذلك لا خلاف فى كفر الطائفة الثالثة وقد يؤكد ذلك أن الخلاف بين أبى بكر وعمر فى الطائفة الأولى وهى التى أمتنعت عن دفع الزكاة متأولين لقوله تعالى ( خذ من أموالهم صدقة .. ) وقد بدل أن الخلاف كان من منعوا وتأولوا هذه الآية قول أبى بكر لعمر رضى الله عنهما كما ورد فى سياق القصة ( والله لو منعونى عناقاً كانوا يؤدونه إلى رسول الله لقاتلتهم على منعه ) وفى رواية عليه .

* ومعلوم أن المنع فيه مساغاً للتأويل لأنه كما قلنا خلاف فى فرع من فروع الدين ولا يقاس هذا الخلاف على الإختلاف فى كفر المشركين الذين حكم الله ورسوله بكفرهم بآيات محكمة لأن ذلك يتعلق بأصل الدين وهو عبادة الله وحده لا شريك له ..

الشبهة الخامسة :- قالوا أن علماء الإسلام إختلفوا فى تكفير بعض الفرق ولم يكفر بعضهم بعضاً .

ونقول وبالله التوفيق .. أن الخلاف فى تكفير الفرق هو خلاف فى الأصول الإعتقادية وليس فى أصل الدين ومعلوم أن هناك فرق بين أصل الدين والأصول الإعتقادية ولكل من أصل الدين والأصول الإعتقادية خصائص تميزه عن الآخر منها أن من خصائص الأصول الإعتقادية أنها ظنية الدلالة والثبوت وبالتالى فالحكم بكفر فرقة من فرق الإسلام مبنى على إجتهاد المجتهدين وليست هناك نصوص صريحة محكمة فى الحكم بكفر فرقة من فرق الإسلام كما هو الحال فى النصوص الصريحة المحكمة فى الحكم بكفر المشركين وحاش لعلماء الإسلام والمسلمين أن تكون بين أيديهم نصوص تحكم بكفر الفرق ثم يختلفون فى كفرهم ثم كيف تكون أيديهم تحكم بكفر الفرق ثم يجتهدون وهم يعلمون أن القاعدة تقضى بأنه ( لا إجتهاد مع نص ) .. فهل تساوى الحكم على كفر المشركين العابدين غير الله حيث النصوص المحكمة الصريحة والحكم على كفار الفرق والإختلاف فيها حيث أنها ظنية الثبوت والدلالة ..
==================
ـــــــــــ  مجمل عمل قاعدة من لم يكفر المشركين  ـــــــــــ
مما سبق يتضح لنا مجال عمل قاعدة من لم يكفر المشركين هو الشرك والكفر الأكبر المخرج من الملة والذى يؤكد أن مرتكبه إتخذ معبوداً غير الله والحكم فيه بنصوص محكمة قطعية الثبوت قطعية الدلالة تؤكد مفر مرتكبه بلا شك أو ريب يعنى فى أصل الدين هذا وليس من مجال عمل القاعدة ( من لم يكفٌر المشركين ) أى كفر بنى على إجتهاد العلماء مثل كفر تارك الصلاة فمعلوم أن علماء الإسلام إختلفوا فى حكم تارك الصلاة كسلاً ولم يكفٌر بعضهم لبعض .

* وقد قال الإمام أبو يوسف رحمه الله ( ناظرت أبا حنيفة زمان حتى إتفق رأيى ورأيه على القول بكفر من قال بخلق القرآن وهذان المثلان اللذان ضربناهما أحدهما فى فروع الدين والآخر فى الأصول الإعتقادية ..

- أمٌا مجال عمل القاعدة فهو أصل الدين :-
ولنتذكر قول علماء الإسلام وهم يعدون نواقض الإسلام حيث قالوا فى هذا الناقض ( ومن لم يكفٌر المشركين أو شك فى كفرهم أو صحح مذهبهم كفر إجماعاً وليس الإجماع هنا مبنى على إجتهاد العلماء كما يظن بعض الغافلين ولكنه إجماع للأمة مبنى على نصوص صريحة محكمة ومما يؤكد ذلك قول العلماء عن ناقض الوسائط ( من جعل بينه وبين الله وسائط يدعوهم ويسألهم الشفاعة كفر إجماعاً ) .. فهل يشك أحد ويظن أن هذا الإجماع هو من نوع ما قال الغافلون وقد بينٌا أن تكفير المشركين من الكفر بالطاغوت فهل يصح الإيمان دون الكفر بالطاغوت ؟

* والخلاصة :- أن مجال عمل القاعد هو أصل الدين وليس الأصول الإعتقادية أو فروع الشريعة ..
==================
ـــــــــــ  خاتمة  ـــــــــــ
بعد أن تحدثنا عن التوحيد وأقسامه وشروطه ونواقضه لابد أن نعلم علم اليقين أن المسلم مكلف أن يعرف دينه جيداً وحدوده ويعرف من المسلم ليواليه ويعرف أيضاً من الكافر ليعاديه ويتبرأ منه والله سبحانه خلق الخلق وجعلهم صنفين لا ثالث لهما حيث قال ( هو الذى خلقكم فمنكم كافر ومنكم مؤمن ) ، وقال الله سبحانه ( قد كانت لكم أسوة حسنة فى إبراهيم والذين معه إذ قالوا لقومهم إنٌا برءاؤ منكم ومما تعبدون من دون الله ) ، وقال عزوجل ( وإذ قال إبراهيم لأبيه وقومه إننى براء مما تعبدون إلا الذى فطرنى فإنه سيهدين وجعلها كلمة باقية فى عقبه لعلهم يرجعون ) ..

* وقال الشيخ عبد الرحمن بن حسن آل الشيخ فى قوله تعالى ( وإذ قال إبراهيم لأبيه وقومه إننى براء مما تعبدون إلا الذى فطرنى … ) ، قال ابن كثير مخبراً عن عبده ورسوله وخليله إمام الحنفاء ووالد من بعث بعده من الأنبياء الذى تنتسب إليه قريش فى نسبها ومذهبها أنه تبرأ من أبيه وقومه فى عبادتهم الأوثان . فقال ( إننى براء مما تعبدون إلا الذى فطرنى فإنه سيهدين وجعلها كلمة باقية فى عقبه لعلهم يرجعون ) أى هذه الكلمة وهى عبادة الله وحده لا شريك له وخلع ما سواه من الأوثان وهى لا إله إلا الله جعلها فى ذريته يقتدى من هداه الله من ذرية إبراهيم عليه السلام لعلهم يرجعون أى إليها ..

* وقد بيٌن الشيخ سيد قطب رحمه الله أنه لابد من بيان حقيقة الناس وما هم عليه وأين هم من الدين الحق لابد من بيان ذلك لهم بوضوح ومواجهتهم بهذه الحقيقة كاملة ، وبين رحمه الله أن فى ذلك خير للداعية والناس حيث يقول ( والذين يقولون أنهم مسلمون ولا يقيمون ما أنزل إليهم من ربهم هم كأهل الكتاب ليسوا على شىء والذى يريد أن يكون مسلماً يجب عليه بعد إقامة كتاب الله فى نفسه وفى حياته أن يواجه الناس الذين لا يقيمونه بأنهم ليسوا على شىء حتى يقيموه وإن دعواهم على دين يردها عليهم رب العالمين .. والمفاضلة فى هذا الأمر واجبة ودعوتهم إلى الإسلام من جديد هى واجب المسلم الذى أقام كتاب الله فى نفسه وفى حياته فدعوى الإسلام باللسان والوراثة دعوى لا تفيد إسلاماً ولا تحقق إيماناً ولا تعطى صاحبها صفة التدين فى أى ملة وفى أى زمان ..

* إن دين الله ليس راية ولا شعاراً ولا وراثة ثم يقول :- وعلى المسلم أن يجهر بهذه الحقيقة ويفاصل الناس كلهم على أساسها لا عليه مما سينشأ من هذه المفاصلة والله هو وحده العاصم ، وصاحب الدعوة لا يكون قد بلغ عند الله ولا يكون قد أقام الحجة على الناس إلى إذا أبلغهم حقيقة الدعوة كاملة ووصف لهم ماهو عليه كما هو فى حقيقته بلا مجاملة ولا مداهنة فهو قد يؤذيهم إن لم يبين لهم أنهم ليسوا على شىء وأن ماهم فيه باطل كله من أساسه وأنه هو يدعوهم إلى شىء آخر تماماً غير ما هم عليه يدعوهم إلى نقلة بعيدة ورحلة طويلة وتغيير أساسى فى تصوراتهم وفى أوضاعهم وفى نظامهم وفى أخلاقهم يحبون أن يعرفوا من الداعية أين هم من الحق الذى يدعوهم إليه ( ليهلك من هلك عن بينة ويحيى من حى عن بينة ) ..

- وحين يجمجم صاحب الدعوة ويتمتم ولا يبين عن الفارق الأساسى بين الواقع ( واقع الناس من الباطن ) وبين ما يدعوهم إليه من الحق وعن المفاضلة بين حقه وباطلهم حين يفعل صاحب الدعوة هذه مراعاة للظروف والملابسات وحذراً من مواجهة الناس بواقعهم الذى يملأ عليهم حياتهم وأفكارهم وتصوراتهم فإنه قد يكون خدعهم وآذاهم لأنهم لم يعرفوا حقيقة المطلوب منهم كله وذلك فوق أنه يكون لم يبلغ ما كلفه الله تبليغه ..

* ثم يقول :- ولقد ينظر بعض الناس اليوم مثلاً فيرى أن أهل الكتاب هم أصحاب الكثرة العددية وأصحاب القوة المادية وينظر فيرى أصحاب الوثنيات المختلفة يعددون بمئات الملايين فى الأرض وهم أصحاب كلمة مسموعة فى الشئون الدولية وينظر فيرى أصحاب المذاهب المادية ذوى أعداد ضخمة وأصحاب قوة مدمرة وينظر فيرى الذين يقولون أنهم مسلمون ليسوا على شىء لأنهم لا يقيمون كتاب الله المنزل إليهم فيتعاظمه الأمر ويستكثر أن يواجه هذه البشرية الضالة كلها بكلمة الحق الفاصلة ويرى عدم الجدوى فى أن يبلٌغ الجميع أنهم ليسوا على شىء وأن يبين لهم الدين الحق وليس هذا هو الطريق .

- إن الجاهلية هى الجاهلية ولو عمت أهل الأرض جميعاً وواقع الناس كله ليس بشىء ما لم يقم على دين الله الحق وواجب صاحب الدعوة هو واجبه لا تغيره كثرة الضلال وضخامة الباطل والباطل ركام وكما بدأت الدعوة الأول بتبليغ أهل الأرض قاطبة إنهم ليسوا على شىء كذلك ينبغى أن تستأنف وقد إستدار الزمان كهيئته يوم بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم ..

* ثم يقول رحمه الله :- وما أحوج الداعين إلى الإسلام اليوم إلى هذه البراءة وهذه المفاضلة وهذا الحسم ، وما أحوجهم إلى الشعور بأنهم ينشئون الإسلام من جديد فى بيئة جاهلية منحرفة وفى أناس سبق لهم أن عرفوا العقيدة ثم طال عليهم العمر ..

- فقست قلوبهم وكثير منهم فاسقون :- إنه ليس هناك أنصاف حلول ولا إلتقاء فى منتصف الطريق ولا إصلاح عيوب ولا ترقيع مناهج .. إنما هى الدعوة إلى الإسلام كالدعوة إليه أول ما كان الدعوة بين الجاهلية والتمييز الكامل عن الجاهلية …

ـــــــــــ  لكم دينكم ولى دين  ـــــــــــ
وبغير هذه المفاضلة سيبقى الغبش وتبقى المداهنة ويبقى اللبس ويبقى الترقيع ودعوة الإسلام التى تقوم على هذه الأسس مدخوله واهنة ضعيفة ، إذ أنها لا تقوم إلا على الحسم والصراحة والشجاعة والوضوح وهذا طريق الدعوة الأولى .. قال تعالى ( لكم دينكم ولى دين ) ، وقال عزمن قائل ( قل ياأيها الناس إن كنتم فى شك من دينى فلا أعبد الذين تعبدون من دون الله ولكن أعبد الله الذى يتوفاكم وأمرت أن أكون من المؤمنين ) ..

- قال الشيخ حمد بن عتيق :- فأمر الله نبيه صلى الله عليه وسلم أن يقول لهم ياأيها الناس … أى إذا شككتم فى الدين الذى أنا عليه فدينكم الذى أنتم عليه أنا برىء منه وقد أمرنى ربى أن أكون من المؤمنين الذين هم أعداؤكم ونهانى أن أكون من المشركين الذين أولياؤكم ، قال تعالى ( قل ياأيها الكافرون * لا أعبد ما تعبدون * ولا أنتم عابدون ما أعبد …) فأمر الله تعالى رسوله صلى الله عليه وسلم أن يقول للكفار دينكم الذى أنتم عليه أنا برىء منه ودينى الذى أنا عليه أنتم منه براء ، والمراد التصريح لهم بأنهم على الكفر وأنه برىء منهم ومن دينهم فمن كان تابعاً للنبى صلى الله عليه وسلم فعليه أن يقول ذلك ولا يكون مظهراً لدينه إلا بذلك .. ولهذا لمٌا عمل الصحابة بذلك وآذاهم المشركون أمرهم النبى صلى الله عليه وسلم بالهجرة إلى الحبشة وأوجد لهم رخصة فى السكوت عن المشركين لمٌا أمرهم بالهجرة إلى بلد الغربة ..

* وفى ذكر جوابات عن إيرادات أوردها بعض المسلمين على أولاء شيخ الإسلام محمد ابن عبد الوهاب وأجابوا عنها رحمهم الله ومن ذلك .

س – ما قولكم فى رجل دخل هذا الدين وأحبه ولكن لا يعادى المشركين أو عاداهم ولم يكفرهم أو قال انا مسلم ولكن لا أستطيع أن أكفر أهل لا إله إلا الله ولو لم يعرفوا معناها ، ورجل دخل هذا الدين وأحبه ولكن يقول لا أتعرض القباب وأعلم أنها لا تنفع ولا تضر ولكن لا أتعرضها ؟

* فالجواب :- إن الرجل لا يكون مسلماً إلا إذا عرف التوحيد ودان به وعمل بموجبه وصدٌق الرسول صلى الله عليه وسلم فيما أخبر به وأطاعه فيما نهى عنه وأمر به وآمن بما جاء به فمن قال لا أعادى المشركين أو عاداهم ولم يكفرهم أو قال لا أتعرض أهل لا إله إلا الله ولو فعلوا الشرك والكفر وعادوا دين الله أو قال لا أتعرض القباب فهذا لا يكون مسلماً بل هو ممن قال فيهم ( ويقولون نؤمن ببعض ونكفر ببعض ويريدون أن يتخذوا بين ذلك سبيلاً أولئك هم الكافرون حقاً وأعتدنا للكافرين عذاباً مهيناً ) ، والله سبحانه أوجب معادة المشركين ومنابذتهم وتكفيرهم فقال سبحانه ( لا تجد قوماُ يؤمنون بالله واليوم الآخر يوادون من حاد الله ورسوله ولو كانوا آباهم أو أبناءهم أو إخوانهم أو عشيرتهم )

- وقوله تعالى ( ومن يتولهم منكم فإنه منهم إن الله لا يهدى القوم الظالمين ) ، وقال عزوجل ( ياأيها الذين آمنوا لا تتخذوا عدوى وعدوكم أولياء تلقون إليهم بالمودة وقد كفروا بما جاءكم من الحق يخرجون الرسول وإياكم ) وطالما أن قضية إجراء الأحكام على الناس بهذه الأهمية وإنها تتعلق بالعقيدة وهى قضية كفر وإيمان وطالما ان الأمر كذلك فلابد أن شريعة الله لم تغفلها وهذه هى الحقيقة فإن قضية إجراء الأحكام على الناس بالإسلام أو الكفر قد ضبطها الشرع الحنيف بضابط محكم لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيل من حكيم حميد وقد تمثل هذا الضابط فى أمور ثلاثة هى

1 - النص 2 – الدلالة 3 – التبعية
أولاً النص :- وهو ما تسمعه من المرء فإن كان إسلاماً وتوحيد إيماناً بالله وكفراً بالطاغوت فهو المسلم المتبع لرسول الله صلى الله عليه وسلم وإن كان غير ذلك من تأييد الطواغيت أو التسليم لهم أو الأنتصار لهم بالقول والدعوة إلى الدخول فى طاعتهم وتعظيمهم أو دعاء غير الله أو النذر لهم أو ماشاكل ذلك من أنواع الشرط فهو المشرط الكافر بصريح نص القرآن والسنة .

ثانياً الدلالة :- يقصد بها حال المرء وأفعاله فإنك إن لم تسمع منه إسلاماً أو كفراً فإن حاله أو فعله يشهد له فإن كان إيماناً وإسلاماً متمثلاً فى موالاة المؤمنين والبراءة من المشركين ومن شركهم ومعاداتهم والدعوة إلى ذلك فهو المؤمن .. أما إن كان حاله حال المشركين من تعظيم الطواغيت ومتابعتهم والتوجه بشىء من الشعائر والنسك لهم أوالتحاكم إليهم أو موالاتهم فهو المشرك الواجب البراءة منه ومعاداته ..

* وفى ذلك يقول شارح العقيدة ( وأما مرتبة الإعلام فنوعان إعلام بالقول وإعلام بالفعل وهذا شأن كل معلم لغيره بأمر تارة يعلمه به بقوله وتارة بفعله ، ولهذا من جعل داره مسجداً وفتح بابها وأبرزها بطريقها وكذلك من وُجد متقرباً إلى غيره بأنواع المسار يكون معلماً له ولغيره أنه يحبه وأنه يتلقظ بقوله وكذلك بالعكس .

- ثم يقول :- ومما يدل على أن الشهادة تكون بالفعل قوله تعالى ( وما كان للمشركين أن يعمروا مساجد الله شاهدين على أنفسهم بالكفر ) فهذه شهادة منهم على أنفسهم بما يفعلونه .. وقال القرطبى فى هذه الآية ( شاهدين ) على الحال وقال فى قوله تعالى ( شاهدين ) قيل أرادوهم شاهدين فلما طرح وهم نصب .

- قال ابن عباس شهادتهم على أنفسهم بالكفر سجودهم لأصنامهم وإقرارهم أنها مخلوقة
- قال ابن كثير رحمه الله ( وهم شاهدين على أنفسهم بالكفر أى بحالهم ) هذا من المعلوم أن قال لغة وشرعاً تشمل اللفظ وتشمل الفعل ، فقول اللسان وقول الجوارح حركاتها وأفعالها ..

ثالثاً التبعية :- وهى قسمان
الأول :- البالغ ويتبع داره وقومه .
الثانى :- الصغير غير المميز ويتبع أبويه .
أما عن القسم الأول :- وهو البالغ حيث يتبع قومه والدار التى يسكنها ، فقد جاءت الشريعة بأن البالغ على دين قومه وهو يأخذ حكم الدار التى يسكنها ما لم يخالف قومه فيما هم عليه من إعتقاد .. فإنه من المعلوم المستقر أن أحكام الديار ترتبط بالأحكام وعلو السلطان والدار التى يعلوها غير سلطان الإسلام دار الكفر والحرب وهذا المعيار أجمع عليه أئمة العلم والهدى والدار توصم بالكفر لعلو غير سلطان الإسلام عليها لأن ذلك ناتج عن فعل أهلها أنفسهم وذلك لأن الكفر من صناعة الكافرين والشرك من صناعة المشركين قال تعالى ( إن هى إلا أسماء سميتموها أنتم وآباؤكم ما أنزل الله بها من سلطان ) .. فأحكام الكفر التى تسود المجتمع الكافر من صناعة أهلها أنفسهم والناس على دين ملوكهم لأنهم هم الذين توجوهم ولولاهم لما ملكوا ولا حكموا .

القسم الثانى :- وهو الصغير غير المميز يتبع آبائه فقد جاءت أحكام الشريعة بأنه مع أبويه على دينهما فى أحكام الدنيا الظاهرة ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( كل مولود يولد على الفطرة ) وفى رواية ( على هذه الملة فأبواه يهودانه وينصرانه ويمجسانه ) .. فإن الدين الذى يأخذا الصبى من أبويه هو دين التربية والعادة وهو لأجل مصلحة الدنيا فإن الطفل لابد له من كافل وأحق الناس به أبواه ولهذا جاءت الشريعة بأن الطفل مع أبويه على دينهما فى أحكام الدنيا الظاهرة وهذا الدين لا يعاقبه الله على الصحيح حتى يبلغ ويعقل وتقوم عليه الحجة وحينئذ فعليه أن يتبع دين العلم والعقل وهو الذى يعلم بعقله هو أنه دين صحيح .

- فإذا كان آباؤه مهتدين كيوسف الصدٌيق مع آبائه قال ( واتبعت ملة آبائى إبراهيم وإسحاق ويعقوب ) وقال ليعقوب بنوه ( نعبد آلهك وآله أبائك إبراهيم وإسماعيل وإسحاق ) وإن كان الآباء مخالفين الرسل كان عليه أن يتبع الرسل كما قال تعالى ( ووصينا الإنسان بوالديه حسناً وإن جاهداك لتشرك بى ما ليس لك به علم فلا تطعهما ) فمن إتبع دين آبائه بغير بصيرة وبغير علم بل يعدل عن الحق المعلوم إليه فهذا إتبع هواه كما قال تعالى ( وإذا قيل لهم إتبعوا ما أنزل الله قالوا بل نتبع ما ألفينا عليه آبائنا أولو كان آباؤهم لا يعقلون شيئاً ولا يهتدون ) .

- قال الإمام البغوى :- وقوله صلى الله عليه وسلم ( يولد على الفطرة ) أصل الفطرة فى اللغة :- إبتداء الخلقة ، قال تعالى ( الحمد لله فاطر السماوات والأرض ) أى مبتديها ، يقال فطر ناب البعير :- إذا طلع أول ما ينبت .

- قال حماد بن سلمة فى معنى الحديث هذا عندنا حيث أخذ الله عزوجل عليهم العهد فى أصلاب آباءهم فقال الست بربكم قالوا بلى .. قال ابو سليمان الخطابى معنى قول حماد فى هذا حسن وكأنه ذهب إلى أنه لا عبرة لإيمان الفطرة فى أحكام الدنيا وإنما يعتبر الإيمان الشرعى المكتسب بالإرادة والفعل ألا ترى أنه يقول ( فأبواه يهودانه وينصرانه ) يعنى فى حكم الدنيا فهو مع وجود الإيمان الفطرى محكوم عليه بحكم أبويه الكافرين ، وقال أيضاً ( فمن أمارات الشقاوة للطفل أن يولد بين يهوديين أو نصرانيين فيحملانه لشقائه على إعتقاد دينهما فينشأ عليه أو يموت قبل أن يعقل فهو محكوم له بحكم والديه وأقوال العلماء حول هذا المعنى كثيرة واضح مما ذكرنا أن هذا حكم الصغير فى الدنيا وهو التبعية لوالديه ولا خلاف فى ذلك .

- ومن أقوال العلماء أيضاً يتضح أن هذا الحكم متعلق بأحكام الدنيا وكما أشار الإمام العز شارح العقيدة الطحاوية بأنه لا يعاقب عليه على الصحيح ولم يختلف العلماء فى حكم تبعية الصغير لوالديه فى أحكام الدنيا ، أمٌا فى أحكام الآخرة إختلفوا فمنهم من قال فى الجنة خدم أهل الجنة ومنهم من قال يختبروا فى عرصات القيامة ومنهم من قال هم مع آباءهم ، ومنهم من قال الله أعلم بما كانوا عاملين يعنى سيكون مصير كل واحد منهم بناء على علم الله لو أنه عاش وبلغ سن التكليف فإذا كان وأى الطريقين يختار طريق السعادة أم طريق الشقاوة وبعد فان ما ذكرنا هو الحق الذى يجب ان يعتقده المسلم اذا كان يريد طريق النجاة وإلا فان العاصم هو الله وحده وليحذر المسلم على نفسه وعلى عقيدتة من الدخل ولينأى بنفسه بعيداً عن الفتن والداعين اليها ..


اللهم رب جبريل وميكائيل وإسرافيل فاطر السماوات والأرض عالم الغيب والشهادة . اللهم إهدنا لما اختلف فيه من الحق بإذنك إنك تهدى من تشاء إلى صراط مستقيم
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين ..
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
العقد الفريد في التوحيد
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتديات انا مسلم السلفيه :: منتدى الدعوة السلفيه :: منتدى علماء الدعوه-
انتقل الى: