الحمد لله ..................
والصلاة والسلام على رسول الله.........
وفقكم الله جميعاً واياي لما يحب ويرضى
سأنتقي بين الفينة والأخرى حديث من أحاديث صحيح الأدب المفرد للبخاري -رحمه الله -
مع شرحٍ ميسير ..........
الحديث الأول :
عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال :
" من نام وبيده غَمَر قبل أن يَغسِله فأصابَه شيءٌ فلا يلومَنَّ إلا نفسَه "
.. صححه الألباني ..
الشرح :
( من نام وبيده غَمَر قبل أن يَغسِله ) :
غَمَر : دسم ووسخ وزهومة من اللحم .. " عون " ..
قال الشوكاني : " إطلاقه يقتضي حصول السنة بمجرد الغسل بالماء " ..
قال ابن رسلان : " والأولى غَسْل اليد منه بالأشنان والصابون ، وما في معناهما " ..
" تحفة " (5/597) ..
( فأصابَه شيءٌ ) :
من إيذاء الهوام ، لأنَّ الهوام وذوات السموم ربما تقصِده في المنام لرائحة الطعام في يده فتؤذيه " .." عون " بحذف ..
( فلا يلومَنَّ إلا نفسَه ) :
لأنه مقصر في حقّ نفسه ..
الحديث الثاني
عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال :
" إن الله يحبُّ العطاس ويكره التثاؤب ، فإذا عطس فحَمِد الله فحقٌّ على
كل مسلم سَمِعه أن يُشَمِّتَهُ .. وأمَّا التثاؤب فإنَّما هو من الشيطان [
فإذا تثاءب أحدكم ] فليردَّه ما استطاع ، فإذا قال هاه ، ضحك منه الشيطان
" ..
صححه الألباني ..
الشرح :
( إن الله يحبُّ العطاس ) :
لأنه يحمِل صاحبَه على النشاط في الطاعة ..
( ويكره التثاؤب ) :
لأنه يمنع صاحبه عن النشاط في الطاعة ، ويوجب الغفلة ، ولذا يفرح به
الشيطان ، وهو إنَّما ينشأ من الامتلاء وثِقَل النفس وكدورة الحواس ،
ويورِث الغفلة والكسَل وسوء الفهم ، ولذا كرهه الله وأحبّه الشيطان وضحك
منه " " مرقاة (8/494) بحذف ..
( فإذا عطس فحَمِد الله فحقٌّ على كل مسلم سَمِعه أن يُشَمِّتَهُ ) :
قال أبو عبيد في " غريب الحديث " : " شَمَّت : يعني دعا له ، كقولك :
يرحمكم الله أو يهديكم الله ويصلح بالكم ؛ والتشميت : هو الدعاء ، وكلّ
داعٍ لأحد بخير ، فهو مُشمِّت له " ..
وقال ابن القيم : " قال جماعة من
علمائنا : إنَّ التشميت فرض عين لأنه جاء بلفظ الوجوب الصريح ، وبلفظ الحق
الدّألّ عليه ، وبلفظ ( على ) الظاهرة فيه ، وبصيغة الأمر التي هي حقيقة
فيه ، وبقول الصحابي : " أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم " .. ذَكَرَه
الجيلاني في " الفضل " (2/382) ..
قال شيخنا ( الألباني ) في " صحيح الكلم الطيّب " طبعة دار المعارف
(ص 103) :
" هذا دليلٌ واضح على وجوب التشميت على كل من سَمِعَه ، وما اشتهر من
أنَّه فرض كفائي ، إذا قام به البعض سقط عن الباقين ؛ ممّأ لا دليل عليه
هنا ؛ بخلاف السلام للحديث :
" يُجزىءُ عن الجماعة إذ مروُّا ؛ أن يسلمَأحدهم ، ويُجزىءُ عن الجلوس ؛ أن يَرُدَّ أحدُهم " ..
( وأمَّا التثاؤب فإنَّما هو من الشيطان ) :
قال الحافظ في " الفتح " (10/612) : " قال ابن بطّال : أي أن الشيطان
يُحِبُّ أن يرى الإنسان متثائباً ؛ لأنَّها حالة تتغيّر فيها صورته فيضحك
منه "..
وقال النووي : " أُضيفَ التثاؤب إلى الشيطان ، لأنه يدعو إلى الشهوات ، إذ
يكون عن ثِقَل البَدن ، واسترخائه وامتلائه ، والمراد التحذير من السبب
الذي يتولّد منه ذلك وهو التوسّع في المأكل " ..
( فإذا تثاءب أحدكم ، فليردَّه ما استطاع ) :
قال الحافظ : " أي يأخذ في أسباب ردِّه ، وليس المراد به أنَّه يملك دفْعه ، لأن الذي وقع لا يُردَّ حقيقة ..
وقيل : معنى إذا تثاءب إذا أراد أن يتثاءب " ..
( فإذا قال هاه ، ضحك منه الشيطان ) :
هاه : حكاية لصوت المتثائب ..
الحديث الثالث
عن أبى هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال :
" إذا عاد الرجل أخاه أو زارَه , قال الله له : طِبتَ وطابَ ممشاك , وتبوّّأْتَ منزلاً في الجنَّة " ..
حسنه الألباني ..
الشرح :-
( إذا عاد الرجل أخاه أو زارَه ) :
أي : مريضاً ؛ أو زاره أي : صحيحاً , فأو للتنويع , والعيادة تستعمل غالباً في المرض والزيارة في الصحة ..
"مرقاة"(8/748) بحذف ..
وفي " النهاية " : " كل من أتاك مرّة بعد أخرى فهو عائد , وإن اشتهر ذلك في عيادة المريض حتى صار كأنّه مختصٌّ به " ..
( قال الله له : طِبتَ ) :
جاء في " المرقاة " - بتصرف - : " صرت طيّب العيش في الآخرة ، أو حصَل لك طيب عيش فيها " ..
( وطابَ ممشاك ) :
قال القاري - بتصرف - : " أي : مشيك سبب طيب عيشك فيها ، كذا ذكَره بعض الشراح ، وهذا يُبشّر بقبول نيته وشُكر سعيه " ..
( وتبوّّأْتَ منزلاً في الجنَّة ) :
قال في " النهاية " : " يُقال : بوّأه الله منزلاً ، أي : أسكنه إياه .. تبوّأت منزلاً : أي اتخذته ، والمباءة المنزل " ..
قال القاري - بحذف - : " أي : هيأت منها بهذه العيادة منزلة عظيمة ومرتبة
جسيمة ، فإن إدخال السرور في قلب المؤمن أجره عظيم وثوابه جزيل ، لا سيّما
والعيادة فيها موعظة وعبرة وتذكرة وتنبيه على اغتنام الصحة والحياة ورفع
الهموم الزائدة ، نسأل الله العفو والعافية وحسن الخاتمة " ..
وفي الحديث فضل عيادة المريض والزيارة في الله سبحانه , وسعة رحمة الله تعالى ..
وفيه كلام الله تعالى للعبد على الحقيقة ؛ إخباراً بما أعدَّ له في الجنة ..